المريني تنبش في “التحدي”: الحسن الثاني .. عاشق اللغة العربية

685
في خضمِّ السجال الدائر بيْن أنصار “فرنسة” التعليم بالمغرب ومُؤيّدي تعريبه، ألقت أستاذة التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، نجاة المريني، بمسؤوليّة الوضعيّة الراهنة للغة العربية وتراجُعها على المسؤولين المغاربة، وقالتْ إنّهم همّشوها.

المريني، التي كانت تقدّم تحليلا لكتاب “التحدّي”، لمؤلفه الملك الراحل الحسن الثاني، في ندوةٍ ضمن جامعة مولاي علي الشريف بالريصاني، قالتْ إنَّ الملكَ الراحلَ كانَ يُولي عناية خاصّة للغة العربية، وكانَ عاشقا لها، وقدّمَ برامجَ لتطويرها، “لكنَّ المسؤولين لمْ ينفّذوا هذه البرامج، وهُوَ ما أوْصلها إلى المشاكل التي تعيشها اليوم”.

وأضافت المتحدّثة أنَّ الملكَ الراحل خصّصَ حيّزاً مهمّا من كتابه “التحدّي” للغة العربية، بقوله إنها “هي لغتنا الدينية والوطنية في آن واحد، وطردها عمليا من المدرسة ومن حياة المواطنين ليس ظلما فقط، بل إهانة جماعية”، وتابعت المريني أنَّ الحسن الثاني نعتَ في كتابه الذين يفتخرون بلغة الأجنبي بالمتآمرين.

وفي حينِ يدْفعُ أنصار اللغة الفرنسية في اتجاه تعزيز حضور هذه اللغة في المدرسة المغربية، قالت المريني إنَّ التذرّع بكوْن اللغة العربية لا تُسعفُ في تدريس الموادّ العلمية لا يستندُ إلى أساس، “فالعربية تستطيع تكوين الأطباء والصيادلة وغيرهم، ولنا في الخوارزمي وابن سينا وغيرهم من العلماء الذين استفادتْ منهم أوربا في بداية نهْضتها خيرَ مثال”، تقول المريني.

المريني ترى أنَّ إعطاءَ اللغة العربية قيمَتها ومكانتها التي تستحقّ يقتضي “التحرّر من عقدة الأجنبي”، موضحة أنّ هناك من الأطبّاء، ومن باقي خرّيجي الشعب العلمية، من يكتبُ جيّدا باللغة العربية، وتابعت: “اللغة العربية لم تكنْ ولن تكونَ أبدا عاجزة عنْ مواكبة تطوّر العصر، وما ينقصنا هُوَ أنْ نؤمنَ بها، لأنّ عدمَ الإيمان بها هو الذي يؤدّي إلى التردّي”.

ودَعت المتحدثة المسؤولين في قطاع التربية والتعليم إلى العودة إلى التعليمات الواردة في كتاب “التحدّي”، والوقوف عند مَا أقرّه الملك الراحل السحن الثاني، بخصوص اللغة العربية في المغرب، أنّ ما تعيشه اللغة العربية اليوم من “انزلاقات وتهميش، والانتصار لغيرها من اللغات الأجنبية، إجحاف في حق هذه اللغة وتنكّر لما دافع عنه الملك الراحل في كتابه وفي خطبه، وهي تهجين للشخصية المغربية”.

وتوقفت المريني في تحليلها المفصّل لكتاب “التحدّي” عند أهمِّ محاوره، مشيرة إلى أنَّ الملك الراحلَ أكّد على تمسّكه بالعمل والتعاون المشترك، من خلال استهلال المحور الأوّل من الكتاب بالآية القرآنية: “واعتصموا بحبل الله جميعا، ولا تفرقوا…”، والتي عبّرَ بها عنْ فلسفته لبناء المغرب الموحّد.

وتساءلت أستاذة التعليم العالي: “هل كان الملك الراحل مَلكا مُتحدِّيا في كتابه “التحدي”؟ وأجابت عن سؤالها: “أقول، فعلا، لقد كان كذلك، وكتابه شهادة ناطقة على هذا التحدي ونجاحه فيه، ويتجلى ذلك في تحدي امتلاك السلطة التي بها يحكم ويسير شؤون البلاد، والسلطة الفكرية التي بها يؤلف الكتب والخطب التي يبهر الجميعَ بارتجالها، سواء باللغة العربية أو اللغات الأخرى”.

وأردفت المتحدثة أنَّ السلطة السياسية للحسن الثاني تمثل شخصية سياسي محنك يسير بثبات نحو هدفه، “فإذا قصَد فكرة ورأى أنها صائبة يحققها، وكانَ قائدا حازما”، تورد المريني.

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

تعليقات