ناجح صالح يكتب: لغتنا الجميلة .. إلى أين ؟

749

أرى أن العرب اليوم ومنذ زمن طال أمده لهم لغتان .. اللغة العربية الفصحى واللغة العامية (اللهجة العامية) .

الأولى يقرأون بها ويكتبون فهي لغة الثقافة أو بمعنى آخر لغة الكتاب ، وهذه اللغة هي لغة مشتركة بين أبناء الوطن العربي يتفاهمون بها على صفحات الكتاب فحسب

أما الثانية وأعني بها اللهجة العامية فهي في الواقع ليست لهجة واحدة وانما لكل قطر عربي لهجته الخاصة التي قد لا يفهمها أبناء قطر عربي آخر ، وهذه اللغة أو هذه اللهجة هي التي نتحادث بها فيما بيننا طيلة الوقت  .

ترى كيف انشطرت لغتنا الأم هذا الانشطار الغريب العجيب بعد أن كانت لغة واحدة في الثقافة وفي التخاطب اليومي !

الواقع أنه بعد سقوط بغداد التي كانت عاصمة الدولة العربية الاسلامية بيد المغول أولا أعقبه غزو أجنبي متعدد بما فيه الفارسي والعثماني والأوربي ثانيا احتوتنا فترة مظلمة قاسية طويلة بددت كل معالم الحضارة بما فيها لغتنا الجميلة التي راحت تكتسب مفردات اللغات الأخرى بتأثير وقوة حكم الغالب على المغلوب .

ان لهجاتنا المحلية دخيلة علينا سادت عليها العجمة ولم يعد فيها سوى القليل من المفردات العربية .

ومما زاد الطين بلة أن الاستعمار الأوربي استخدم سياسة فرق تسد لتجزئة الوطن العربي بوضع حدود اصطناعية تفصل بين أبنائه .

وهكذا نشأت لهجات محلية في الوطن العربي شجع عليها الغزو الأجنبي لأن الثقافة المشتركة لا تروق له .

كما أن انتشار الأمية طوال القرون  المظلمة التي امتدت الى ما يقارب السبعة قرون فعلت فعلها في هذا المضمار .

ولولا أن القرآن الكريم بين ظهرانينا هو الذي حفظ اللغة العربية الفصحى ما بقي شيء من هذه اللغة حتى في جانبها الثقافي .

ومع هذا وذاك فانه حتى في الجانب الثقافي راحت لغتنا تتدهور وتضعف مقارنة مع عصور سابقة كانت فيها متألقة .

انه ما تزال مصادر تراثنا بما فيها اللغة محــــــفوظة يمكن العودة اليها لنكون على بينة من أمرنا ونتجنب هذا الضعف الذي يرافـــــقنا معها .

ولا عجب أننا نرى الكثيرين اليوم ممن يمسكون القلم يخطئون الأخطاء الفادحة بما فيها الأخطاء النحوية والاملائية .. فأية مفارقة هذه التي راحت فيها لغتنا يصعب فهمها من أبنائها !

اننا منذ طفولتنا نتعلم التحدث باللهجة العامية فاذا انتقلنا الى المدرسة وجدنا لغة الكتاب كأنها لغة جديدة طارئة علينا فنبذل من الجهد ما نبذل حتى نتعلمها .

هذه لغة القرآن أين نحن في لغتنا المتداولة في خطاباتنا منها ! وهذه لغة السابقين من أدباء وعلماء ومتحدثين يزخر بهم تراثنا أين نحن في لغتنا منها أيضا !

ان الواجب يقتضي أن نعيد النظر في رؤيتنا ازاء لغتنا للحفاظ عليها من الضعف والتدهور ونعيد اليها تألقها الذي كانت عليه في تلك الأيام الخوالي 

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

تعليقات