مؤتمر العربية يراهن على التحدي والمقاومة من أجل عدالة لغوية
قال فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني للغة العربية، إن قضايا الهوية غير قابلة للمساومة والتفاوض. وأضاف، في سياق افتتاح المؤتمر الوطني للغة العربية دورتَه السادسة بالمكتبة الوطنية بالعاصمة الرباط، أن التوافق لا يرتبط بالأغلبية الحكومية التي يمكنها أن تمرر قانونا، ولكنها لن تسهر على استمراره.
وأثار بوعلي “قيمة العمق العربي الإسلامي للشخصية الوطنية”، ورأى في “حماية اللغة العربية من التهميش والتحقير حماية للوطن والمشترك الوطني”، معلنا استمرار “التحدي والمقاومة من أجل عدالة لغوية لحفظ الانتماء للتاريخ والأرض”.
وذكر بوعلي أن ورش التعليم لا يزال مفتوحا للنقاش، لأن القرار حول لغات التدريس لا يزال مترنّحا، مضيفا أن “الإشكالية اللغوية في الفترة الأخيرة اتخذت بعدا آخر بفرض الوزارة الوصية، أي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، واقعا لغويا يقفز على الدستور والمجلس الأعلى للتربية والتكوين، مع محاولة إدراج العامية في المقررات المدرسية”.
واسترسل رئيس الائتلاف الوطني للغة العربية مرافعا: “اللغة قضية وجودية تعالج بدراسات علمية، ولا يمكن القفز عليها لرغبات ذاتية، وأي تنزيل سليم للدستور لا يتم إلا بتوافق وطني فيه جميع أطياف المجتمع؛ لأنها قضيته لا قضية مؤسسات فقط”، داعيا إلى استعادة اللحظة الدستورية التي أفرزت دستورا متوازنا، بعيدا عن الطريقة الشعبوية التي تطرح بها مسألة محورية مثل لغات التدريس، أو التخويف من كون هذه القرارات “فوقية”، أو الاستنادِ إلى تقارير موضوعة على المقاس، وفق تعبيره.
وذكر مصطفى الخلفي، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن المؤتمر الوطني للغة العربية يأتي في خضم نقاش متواصل منذ نصّ الدستور على مبادئ السياسة اللغوية في البلاد؛ أي رسمية اللغة العربية ودسترة اللغة الأمازيغية والقانون التنظيمي الذي يعتني بها، والسياسة اللغوية التي تُعنى بالتعددية والانفتاح.
ويرى الخلفي أن ائتلاف اللغة العربية يتضمّن توجهات ورؤى متعددة تتعارض مواقفُها في بعض الأحيان، لكنّها مجمعة على أن تكون للعربية والأمازيغية مكانتهما المستحقة في المنظومة المؤسساتية المغربية، مشيرا في هذا السياق إلى أن “ربح رهانات السيادة والأمن والتحديث لن يتمّ دون سيادة لغوية منضبطة للدستور ومجتمع مدني فاعل”.
ورأى مبارك ربيع، رئيس اللجنة الثقافية لمؤسسة علال الفاسي، أن المرحلة الراهنة تستلزم استحضار ثوابت الأمة ومكونات شخصيتها الحضارية الإنسانية، وتتضمن الحق والواجب الأساسي في التطور والتقدم بما يضمن فاعلية التبادل والأخذ والعطاء على المستوى الإنساني العالمي.
وذكّر ربيع بما اعتبره “أولويات مؤسِّسَة لأي نقاش جاد ومسؤول في اللغة”؛ فهي “تتطور بالاستعمال، مما يقتضي الاجتهاد لا الركن في الرفوف، واتخاذها زينة موسمية وأيقونة للتبرك والتقديس”. استرسل موضّحا أن “لكل لغة عبقريتها الخاصة التي لا تبدو للأجنبي عنها وغير الناطق بها، مما يفرض اجتهادات بيداغوجية من شأنها تذليل الصعوبات التعلُّميّة، وتجسيد المحتوى العملي لمفهوم تكافؤ الفرص بين الناشئة ولغات المنظومة التعليمية”.
واستحضر مبارك ربيع طه حسين وعلال الفاسي، منطلقا من الكاتب المصري ووزير المعارف الأسبق ودعوته إلى التعليم باللغة العربية وعدم التركيز على لغة أجنبية واحدة في التعلم، بل تعلم العديد من اللغات “حتى لا يهيمن على عقول الأجيال نفوذ عقلي لأجنبي واحد”. فيما اعتبر علال الفاسي، حسب الروائي والأكاديمي المتحدّث، لغة التعليم واحدة هي العربية، مع ضرورة الانفتاح على اللغات الأجنبية، والانتباه إلى التزاحم في النفوذ العقلي عبر هذه اللغات.
(هسبريس)
تعليقات