تأثير العامية في تعليم العربية للناطقين بغيرها
مدونة تهدف إلى نشر الوعي بأهمية تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، باعتبارها جسرا للتواصل الثقافي. تعدها الباحثة هبة عبد اللطيف شنيك من الأردن.
ثمة تداعيات مختلفة بين من يؤيد استعمال العامية في تعليم العربية للناطقين بغيرها، وبين من يرفضها خاصة في المستويات الأولى، إلا إذا كانت لأغراض خاصة، فموضوع تعليم العامية للناطقين بغير العربية من أكثر المواضيع الجدلية التي تشغل بال كل من يعمل بمجال تعليم العربية للناطقين بغيرها.
فالطالب يأتي لتعلم العربية الفصيحة لكنه يصطدم؛ لأنه يتعلم في قاعة الدرس لغة تختلف في مستواها عن اللغة التي يحدثه بها زملاؤه العرب، والباعة في الخارج، ومما لاريب فيه أن تعليم العربية يتطلب ممارسة تلك اللغة في كل الأوقات، فثمة المستويات الصوتية، والنحوية، والصرفية، والدلالية، التي تتطلب من المتعلم الممارسة والدربة حتى يتقن تلك اللغة، ولكن عندما يخرج المتعلم من قاعة الدرس، يختلط عليه الأمر بين المستويات التي تعلمها، والمستويات التي تواجهه عند تعرضه للعامية في الخارج، مما يؤدي إلى خلط في دماغه، يجعله في حيرة واضطراب بين ما يتعلمه من قواعد ومفردات للغة الفصيحة، وما يسمعه من تحرر من بعض القواعد اللغوية الفصيحة في العامية.
ويظهر تأثير العامية في المستويات اللغوية المختلفة مثل:
1) المستوى الصوتي: وذلك عند تغير الصوت الفصيح إلى صوت عامي يغيِّر الحرف، مما يؤدي إلى تغيُّر في الكلمة، فمثلَا تغير حرف الكاف في كلمة “كافر” إلى غين في كلمة “غافر” فإن اختلاف الفونيم فيهما أدى إلى اختلاف في المعنى، كما أنه يحدث تبديلا في بعض الفونيمات بين الكلمتين في مستوييهما الفصيح والعامي، مثل “قال” و”آل” على الرغم من أن المعنى واحد في كلا المستويين. وهذا التغيّر الفونيمي في الكلمة عند نطقها فصيحة ونطقها عامية، يشكل عقبة أمام متعلم العربية من الناطقين بغيرها، فهو لا يعرف أن فونيم “القاف” يحدث له تغيّر، ويصبح “همزة” في بعض العاميات كلهجة أهل الشام ومصر.
2) المستوى النحوي: ويكمن تأثير العامية في إلزام الأسماء الخمسة الرفع في جميع الحالات، واستعمال لغة أكلوني البراغيث في الكتابة والحديث كثيرًا مثل: شاركوا الطلاب في المسابقة، وإلزام العدد هيئة واحدة مهما تغيّر المعدود(المذكر)، وإلزام المثنى وجمع المذكر السالم الياء في حالة الرفع مثل: حضر المعلمين الاجتماع.
3) المستوى الصرفي: ويظهر أثر العامية في تغليب التذكير على التأنيث، فتعبر الفتاة عن نفسها بقولها “أنا فاهم الدرس”، وصياغة التعجب واسم التفضيل من الصفة التي على وزن “أفعل” فيقولون في التعجب “ما أسود الغراب” ويقولون في التفضيل “السهول الشمالية أخضر من السهول الجنوبية”، وعدم فك الإدغام، وغلبة وزن “انفعل” في المبني للمجهول مثل: انقتل المجرم بدلًا من قُتِل المجرم.
لذلك نجد ضرورة تعليم اللغة العربية الفصحى للناطقين بغيرها، وتجنب تعليمهم العامية للأسباب الآتية:
1) لأن العامية لا توقف المتعلم على المادة الأدبية الزاخرة في اللغة العربية، أما متعلم الفصحى فإنه يستطيع قراءة الشعر الجاهلي، وكتب الجاحظ، وابن المقفع وغيرهما.
2) هذه العاميات تنحصر قدراتها على تحقيق التواصل في أقاليمها وأقطارها الضيقة، أما الفصيحة فهي قادرة على التواصل في كافة البلاد التي تتحدث العربية. فمن تعلم العامية المغربية مثلًا فلا تفيده عندما يعيش أو يعمل بمصر أو إحدى الدول الخليجية.
3) إنّ العامية في العربية ليست واحدة بل هي عاميات متعددة ومتباينة من قطر إلى آخر، فأي عامية نختار لتعليمها للناطقين بغير العربية.
وبذلك تظهر أهمية تعليم الفصحى بشكل جليّ وواضح لما له من فائدة مرجوة لتحقيق الهدف المنشود من تعلم اللغة.
المصدر: تأثير الازدواجية اللغوية (الفصيح والعامية) في تعليم العربية للناطقين بغيرها، لتوفيق القفعان/ عوني الفاعوري.
تعليقات