الأشعري: الصراع الحقيقي للغة العربية مع الفرنسية وليس الأمازيغية والعامية

863

اعتبر وزير الثقافة السابق محمد الأشعري، أن النقاش حول اللغة العربية بالمغرب حُشر دائما كنوع من الصراع المنظم مع الأمازيغية والعامية، مشيرا إلى أن “الواقع يؤكد أن العربية لم تكن أبدا في وضعية صراع أو تنافس معهما، وكانت هناك بالتأكيد سياسة لغوية بالمغرب ظلمت الأمازيغية، لكنها ظلمت أيضا كل التعبيرات اللغوية المغربية لفائدة اللغة الأجنبية”.

وأشار الكاتب والروائي المغربي خلال محاضرة له تحت عنوان: “اللغة العربية والإبداع”، مساء اليوم الإثنين بالمكتبة الوطنية بالرباط، أن الصراع الحقيقي الوحيد هو الذي تواجه فيه اللغة العربية نظيرتها الفرنسية، مستدركا بالقول: “أقول هذا وأنا أدافع عن الحفاظ على مكانة متميزة للفرنسية في منظومتنا اللغوية من بين اللغات الأجنبية، وليس للهيمنة على اللغات الوطنية أو لمحوها من الوجود كما حدث مع لغات أخرى خاصة بالقارة الإفريقية”.

المتحدث أوضح أن من يدعو إلى حذف العربية من لغة التدريس، كأنه يطالب ببتر المغاربة، ليس فقط من اللغة المقدسة، بل من التاريخ المشترك والأفق المشترك، “ولذلك فإن تنازل المغاربة عن اللغة العربية سيجعلهم يفقدون الأفق الثقافي الذي صنعوه منذ قرون بواسطة النصوص الأدبية والشعر والفكر المشترك”، مضيفا بالقول: “العربية التي تربطني بالمصريين والعراقيين واللبنانيين ليست عربية عرقية، بل عربية النصوص وعربية الفكر الذي كُتب بهذه اللغة”.

المحاضرة التي نُظمت ضمن فعاليات أسبوع اللغة العربية بالمغرب الذي يشرف عليه الائتلاف الوطني للغة العربية، أبرز خلالها المحاضر أن “الخيال المشترك والوجدان المشترك الذي تربى لدينا جميعا في اللغة العربية، هو الذي يجعل انتماءنا بديهيا للعالم العربي، ولكنه ليس انتماءً عرقيا بل انتماء حضارة وثقافة  وأفق مشترك، وكل تركيز على الطابع القومي لهذه العلاقة هو إضعاف لعلاقتنا بالعربية”.

وأشار الوزير السابق إلى أن المغرب لم يتمكن بعد من إرساء حوار وطني حقيقي حول اللغة العربية في المنظومة التعليمية، والارتقاء بالآليات التعليمية المعتمدة، معتبرا أن تأجيل الخوض في الحوار أو تجاهله يؤثر على الجهود المفضية إلى النهوض باللغة العربية ودراستها في المدارس والجامعات والمعاهد العليا، لافتا إلى أنه وجد خلال بحث له أن المناهج الدراسية بالمغرب تكاد تخلو من تدريس النصوص الشعرية أو الابداعات والروايات الكلاسيكية، وهو ما يجعل التلاميذ والطلبة غير قادرين على ربط علاقة قوية وجذابة مع لغة الضاد وآدابها، وفق تعبيره.

ونبه الأشعري إلى أن هناك خلطا مغرضا من أجل وضع اللغة العربية في زاوية ضيقة واعتبارها لغة قديمة وثراتية لا تساير العصر، والحال أنها لغة حديثة تتجدد باستمرار، مشددا على أن “هذا التصور الضيق تم ترسيخه منذ فترة الاستعمار الذي سعى إلى خلق أرض لغوية خلاء، وفصلها عن واقعها وبيئتها عن طريق خلق صراع لغوي بينها وبين اللغات المحلية الأخرى أو الأجنبية منها”.

وفي هذا الصدد، دعا المتحدث إلى تدريس العربية في كل أسلاك التعليم بالمغرب ليس فقط من منطلق هوياتي وحضاري، بل من منطلق كونها إبداعا خلاقا ومخيالا مشتركا يربط حاضر المغرب بماضيه، معتبرا أن أهم تحد ينبغي كسبه هو الاستثمار في اللغة العربية والسعي لإقامة روابط وجدانية داخل مختلف الأسلاك التعليمية، حيث يمر ذلك أساسا عبر قرار سياسي ينخرط في بلورته كافة الفاعلين المعنيين بالشأن اللغوي والثقافي، حسب قوله.

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

تعليقات