مجلس اللغات والثقافة المغربية .. تصورات وفيرة لهواجس كبيرة
كشف يوم دراسي حول مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وجود هواجسَ كبيرة بشأن مصير مؤسستيْن رسميّتين؛ واحدة منهما موجودة على أرض الواقع، وهي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والثانية موجودة نظريا، وهي أكاديمية محمد السادس للغة العربية.
الحسين مجاهد، الأمين العام للمهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وفي مداخلة له ضمن اليوم الدراسي المنظم من طرف فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين بتنسيق مع الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية والرابطة المغربية للأمازيغية، لمْ يُخف قلقَ مسؤولي المعهد من مصيره، وطرح جُملة من الأسئلة المعبّرة عن هذا القلق.
وتساءل مجاهد: “هلْ ستكون هناك تحوّلات وتغييرات في هوية وهيكلة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؟ وما مصير المنجزات التي حققها؟ وهل يتمّ تثمينها والتفاعل معها؟ وما هي آفاق عمله؟ وأضاف تاركا أسئلته معلقة: “يجب الاحتفاظ بالصلاحيات العلْمية والإدارية والاستقلالية المالية للمعهد، والعمل على ترصيد كل المنجزات العلمية والتقنية التي حققها، وصيانة وضعيته الاعتبارية، حتى لا يتحوّل إلى مديرية تابعة للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية”.
المخاوفُ نفسُها أبْداها المدافعون عن اللغة العربية؛ إذ قال فؤاد أبو علي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، إنّ إدماج المؤسسات المعنية باللغات في المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية “يحتاجُ إلى مراجعة”، مضيفا أنّ أكاديمية محمد السادس للغة العربية، حسب الصيغة التي حُدّدت وفقها أدوارها في مشروع القانون التنظيمي للمجلس، “ستجعلُها غير قادرة على العمل، والشيء ذاته بالنسبة للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية”.
بوعلي أردف أنَّ مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، في صيغته الحالية، تضمّن إيجابيات عديدة، لكنّه اعتبر أنّ المجلس إذا لم يتمّ تطوير مشروع قانونه التنظيمي “سيكون مجرد هيئة للاقتراح والاستشارة”، مضيفا: “ما نخشاه هو أن نُخلف الموعد مرة أخرى مع التاريخ، فالنصّ الدستوري واضح في ما يتعلق بالمجال اللغوي، بتنصيصه على لغتيْن رسميّتين، ولكن هناك من يتحرَّك في الخلْف لفرْض واقع لغوي آخر”.
من جهة أخرى، تساءل سعيد بنيس، أستاذ علم الاجتماع باحث متخصص في التنوع اللغوي، عن سبب تخصيص الحسّانية وحدها بهيئة جهوية في تركيبة المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، إلى جانب أربع هيئات وطنية، قائلا: “كيف يُعقل أن يُبنى المشروع السياسي والمجتمعي المغربي على الجهوية الموسعة، وفي هذا المشروع هناك أربع هيئات وطنية، وواحدة فقط على المستوى المحلي الجهوي تُعنى بالحسانية والتعبيرات الثقافية المغربية؟”.
وجهة نظر بنيس أثارت حفيظة رحال بوبريك، ممثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي تحدّث عن المسألة التي أثارها بنيس بصفته باحثا وليس ممثلا للمجلس، قائلا إنّ “مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية يتحدث عن الحسانية كثقافة وليس كلُغة”، مضيفا: “لا يجب أن تكون هناك تفرقة وإقصاء لأيّ طيْف من الأطياف”.
بنيس عاد لتوضيح وجهة نظره بالقول: “إذا اعتبرنا أنّ مشروع القانون التنظيمي تحدث عن الحسانية باعتبارها ثقافة، فيجبُ، إذن، أن تُخصَّص هيئات للثقافات الأخرى، مثل الجبلية والزيانية وغيرها”، مضيفا أنّ الثقافة المغربية موحّدة.
مبارك ربيع، الأستاذ الجامعي الباحث المتخصص في الشأن اللغوي، تطرّق في مداخلته إلى مسألة تغليب الهاجس اللغوية والتراثي على مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وغياب الإبداع المعاصر فيه، على الرغم من الأهمّية التي يكتسيها، معتبرا أنَّ هذا الهاجس يأتي على حساب قضايا أخرى جاءت في الدستور.
تعليقات