غلمان: الموجهات الإعلامية للثقافة تصير بيد السلطة تستخدم فيها قاعدة “حراسة البوابات”
في حوار أجرته صحيفة “الوطن الآن” مع الإعلامي والباحث المغربي د . مصطفى غلمان:
قال الإعلامي والباحث المغربي د . مصطفى غلمان في حوار مطول أجرته معه أسبوعية “الوطن الآن للعدد الأخير ليومه الخميس 30 نونبر 2017″ أن ” الممارسة الثقافية في المغرب تجتاز مرحلة الشكية وإدمان الحلول الجاهزة، إلى معاودة الانطباع بالوفرة والتكرار، التي تحول دون تقديم رؤية شاملة عما تفعله الآليات الثقافية والمشاريع والمبادرات والخطط والاستراتيجيات” مضيفا ” إننا مع الأسف الشديد نمارس الثقافة فوق الحبل، ونضع متاريس للسقوط في المكامن قبل إغلاق الطريق. الثقافة قوة جاهزة للإطلاق، تقع دوما في القيمة التي نضعها فور إيماننا بضرورتها. لا نحتاج فقط لمبادلاتها وتداولها ومحاكاتها، وإنما نستطيع بوجودها أن نغدي الشعور لدى أجيالنا القادمة بتجسيرها وربط وحداتها من داخل المدرسة والجامعة والأسرة والمجتمع المدني، في الأحزاب السياسية والتمثيليات المنتخبة، وفي المؤسسات العمومية”.
وعن وضعية المثقف المغربي قال الشاعر والإعلامي مصطفى غلمان إن ” المثقف المغربي مغلوب على أمره، فوضعه يشبه القارب المخروم، يحاول تنحيته عن الغرق، وهو إلى المصير غاد يترجى رحمة ومن قبله عذابات وهموم” ، متسائلا متعجبا ” أنظر كيف تتمكن السلطة من تحويل مفكر إلى أداة للتمويه. وكيف تستطيع الدولة اللا ثقافية أن تنمط العقل الثقافي للكائن وتمسخه وتعيد عجنه حسب هواها، تتوسل بالدلالات الإغرائية لهتك قيمته العلمية والعملية. أليس ذلك مدعاة للغرابة في وقت نطالب فيه أجهزة التحكم والاستبداد من إضفاء صفة الرهان الثقافي على برامج التنمية البشرية والاستدامة؟!. وعن هيمنة السياسي على الثقافي ببلادنا ذهب غلمان إلى أن ” الهيمنة الكلية على كل ما هو ثقافي بأقنعة سياسوية وأيديولوجية ودينية إنما هو صورة من صور تجسيد استمرار إرهاق النخب الثقافية وإبعادها عن مواقعها”. وهوحسب نظره “شيء من النزعات المغربة نحو التسليع الثقافي، وتحويل المثقف إلى مجرد حصان طروادة، يؤدي دورا استهلاكيا في خارطة معدة سلفا، ومراهن على منتوجها الظرفي مواءمة للتسويق وتحديد المسافات”. لكنه مع كل ذلك يحمل المثقفين مسؤولية الانجرار لكل ما هو سياسي قائلا : ” وللحقيقة، السياسي ليس مسؤولا عما تقترفه يد المثقف. أين عقل المثقف ومنطق إقناعه واقتناعه؟ باستطاعة المثقف أن يزيح وصاية السياسي عليه. بل باستطاعته أن يحكم السياسي. المهم أن تكون عقلانية الثقافي ناجعة بالقدر الذي يحولها إلى ميكانيكا لحصر خرافة واحتيال السياسي. قديما قال اليونانيون: الفيلسوف يبهر السياسي الحاكم بحكمتك واتساق رؤيته. والسياسي يلغي قوة برهانية الفيلسوف. لكن الأخير يثني على قدرته الخارقة في تجاوز غباء السياسي الحاكم”. وفي مسألة ارتباط الإعلام بالنسق الثقافي يقول الإعلامي غلمان إن ” الإعلام والاتصال وجه من أوجه الثقافة، أس من أساساتها التي تقوم عليها، وينماز الإعلام عن غيره من متون الخطاب بجدلية العلاقة بين السلطة والمعرفة. وموقع وسائل الاعلام في نسق الثقافة عامة هو دورها الموجه لإقناع وتعبئة الرأي العام. وفي الجوهر تثبيتها كوسائل للترويج والدعاية لمواقع السلطة أو وسائل تغيير ومبعث تحولات متنوعة، للدرجة التي أضحى فيها الإعلام سلطة ثقافية رابعة ضمن السلسلة التراتبية للسلطة بالمفهوم الديمقراطي. بل إن تعاظم دور الإعلام في التأثير على السياسات العمومية وطرق تدبير مصالح الدولة يضع الثقافة في صلب البرامج والمخططات التنموية. ومن تجليات هذا الدور اختزال الثقافة في الفراغات المهولة التي تعانيها منظومة تنزيل قيمها ومناهجها على المؤسسات الدينية والتعليمية والأسرية” مدللا بقطيعة النظري مع الواقعي، ومحتجا ” بالملموس نظرية حارس البوابات الإعلامية لعالم النفس النمساوي كيرت ليوين، الذي يعتبر الدراسات المنهجية في مجال القائم بالاتصال تقوم طيلة الرحلة التي تقطعها الوسيلة الإعلامية حيث توجد نقاط بوابات، يتم فيها اتخاذ قرارات بما يدخل وما يخرج”.
تعليقات