خبير: الشعب حسم السياسة اللغوية .. والدارجة لا تصلح للتدريس

1٬314

هسبريس – محمد الراجي (صور: منير امحيمدات)

انتقد عبد القادر الفاسي الفهري تدخّل نور الدين عيوش في السياسة اللغوية للدولة، بمطالبته بتبنّي العامّية المغربية لغة للتدريس، وقالَ الفهري في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام، حول القضية اللغوية بالمغرب، إن “السياسة اللغوية ليست من اختصاصه (عيوش)؛ فهذا مجال سياسي لا يفْصل فيه إلا الشعب، وقد فصل فيه بتصويته على الدستور الذي نصّ على أنّ اللغة الرسمية للبلد هي اللغة العربية”.

ولمْ يُبْد الفاسي معارضته للمعجم الذي أصدره نور الدين عيوش، لكنّه شدّد على أنّ الخطابَ الذي واكبَ هذا المعجم “مخالفٌ للدستور”، وأضاف: “العمل الإيديولوجي الهادف إلى تبخيس اللغة الفصيحة والتنقيص منها مرفوض، ولو كانت هناك قوانين في المغرب لقامت بزجر هؤلاء”، مُبرزا أن نور الدين عيوش “ليس من حقه أنْ يُملي على أصحاب القرار توجّهات السياسة اللغوية للمملكة”.

في المقابل أبْدى الخبير اللساني معارضته لجعل العامّية المغربية لغة للتدريس، وقالَ: “إنَّ من خصائص اللغة الرسمية أن تكون ممعيرة؛ أيْ أن تكون لها ضوابطُ وقواعد، وهو ما ليس متوفّرا في العامّية؛ ذلك أنَّ ثمّة اختلافا بين لهجة كل منطقة من مناطق المغرب”، وأردف أنَّ “السعي إلى معيرة العامّية سيضرب الدستور، الذي نصّ على الحفاظ على التعبيرات اللغوية والحفاظ على التنوع الموجود”، مضيفا: “إذا فرضنا عامّية واحدة سنُفقد تراثنا تنوّعه”.

وفيما يبني نور الدين عيوش موقفه الداعي إلى اعتماد العامّية لغة للتدريس في المغرب على اعتبار أنها لغة المغاربة، اعتبر الفاسي الفهري كلام عيوش “مغالطات وتصوُّرا قديما وبسيطا”، وزادَ موضحا: “اليوم هناك تطور كبير، وقد جعلتنا التكنولوجيا الحديثة نتجاوز هذه الأمور، ففي برامج القنوات الفضائية تجد لغة متوسطة وفصيحة وعامية، وليس هناك فصل بين العامّي المحض والفصيح المحض”.

وفي تعريفه لمفهوم “اللغة الأمّ”، قال الفاسي الفهري إنّ هذا المصطلح استُعمل أساسا للتفريق بين لغة السكان الأصليين ولغة قوَّةٍ مستعمرة، مُبرزا أنّ العرب يعتبرون العربية لغتهم الأم، دون التفريق بين العامية والفصيحة، كما هو الحال بالنسبة للأمازيغية، التي فيها لغة معيارية وفيها لهجات، وأضاف: “هذه الحالة تتسم بالاستقرار، وليس الصراع”.

وبخصوص رأيه في موقف المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إزاء النقاش الدائر حول تبني الدارجة لغة للتعليم، كما يطالب بذلك نور الدين عيوش، قالَ الفهري إنّ المجلس الأعلى “لعب دورا إيجابيا، وسَهر على انسجام السياسة اللغوية التي ينص عليها الدستور بكل مكوناتها، وأوصى بالانفتاح على اللغات العالمية”، واصفا عمل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بـ”المتوازن”.

في المقابل، لمْ يُبْد الفاسي الفهري رضاه عن الصيغة النهائية التي آل إليها مشروع إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، خاصّة في الشقّ المتعلّق بإلحاق أكاديمية المملكة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية به، معتبرا أنَّ “ما حصل هو قراءة ضيّقة للدستور”.

وأوضح المتحدث أن “ضمّ أكاديمية المملكة للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية سيجعل منه مديرية صغيرة لا تتوفر على الاستقلال المالي ولا الإداري، وسيصبح لها مدير عوض رئيس، ونفس الشيء بالنسبة للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهذا كان مفاجئا بالنسبة إلينا، وسيزيد في الضرر الذي أُلحق باللغة العربية في هذه السنة”.

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

تعليقات