الأشعري: من عجائب المغرب وجود وزير يجهل اللغة العربية

786
الرباط: «الشرق الأوسط»
قال محمد الأشعري، وزير الثقافة المغربي الأسبق، والكاتب والشاعر، بأسلوب لا يخلو من التلميح، إن المغرب تقع فيه عدة غرائب، ومن بينها أن يقوم وزير بتقديم مشروعه باللغة الفرنسية، في انتهاك صريح للدستور.
وأضاف في محاضرة ألقاها مساء الاثنين تحت عنوان «اللغة العربية والإبداع»، في المكتبة الوطنية بالرباط، بمناسبة أسبوع اللغة العربية الذي ينظمه «الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية»، أن من العجائب أيضا أن وزيرا كان يجهل اللغة العربية، وعجز عن الإدلاء بتصريح بها لقناة «فرنسا 24» الفضائية، وهي واقعة معروفة تناولها الإعلام في المملكة بنوع من الاندهاش والاستغراب، وقت حدوثها.
واستطرد في سرده لما سماه «الغرائب التي لا تحدث إلا في المغرب»، قائلا إن من يتابع الإذاعات الخاصة، بعد تحرير القطاع المسموع، يفاجأ بسماع «خليط لغوي»، يجمع بين استعمال اللغتين العربية والفرنسية في وقت واحد.
وسجل الأشعري الذي تحمل حقيبة الثقافة في عهد حكومة التناوب، برئاسة عبد الرحمن اليوسفي، الأمين العام الأسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي، وفي حكومة خلفه إدريس جطو، أن النهوض باللغة العربية يقتضي قرارا سياسيا في الموضوع، عبر الرفع من مناهج التدريس، بعد أن لاحظ أن هناك غيابا شبه مطلق للنصوص الأدبية المغربية لمبدعين مرموقين مثل محمد زفزاف ومحمد شكري وغيرهما.
ومضى متسائلا بنوع من الاستغراب: «من يضع المناهج والمقررات الدراسية؟»، وقال: «لا أحد بمقدوره الإجابة عن هذا السؤال، وأنا مستعد للاعتراف بالعبقرية لمن يملك الجواب». وعبر عن أسفه لكون هذا الأمر يدبر في جميع أنحاء العالم بطريقة شفافة، إلا في المغرب، داعيا إلى إحداث لجنة وطنية يحترمها الجميع، يكون من بين مهامها إعداد المقررات الدراسية.
واعتبر الروائي والشاعر الأشعري، الفائز بجائزة (البوكر) العالمية للرواية العربية في دورتها الرابعة، عن روايته «القوس والفراشة»، أن مسألة إحلال اللغة العربية المكانة الجديرة بها ضمن منظومة التربية والتعليم تتوقف على القرار السياسي، مشيرا إلى أن «التذبذب والتلويح بأن هناك صعوبات»، في تحقيق ذلك، مجرد مبررات واهية.
وبكثير من التفصيل تطرق الأشعري إلى السياسة التي تقف وراء نشر اللغة الفرنسية في المغرب، من خلال الثقافة والآداب والفنون، وذلك في ضوء ارتباطها بالمصالح التاريخية والاقتصادية التي تجمع بين الرباط وباريس، مستحضرا «العلاقات التي تنسجها اللغة مع المصالح الاقتصادية». وقال إنه لا يلوم الفرنسيين على اهتمامهم بنشر لغتهم من خلال الترجمة وغيرها، ولكنه يلوم «السياسة الرسمية المغربية التي لا تجعل من النهوض باللغة العربية مسألة أساسية في منظومة التربية والتعليم».
وفي سياق حديثه عن المسألة اللغوية في المغرب، لاحظ أن النقاش حول اللغة العربية طالما «حشر في نوع من الصراع مع اللغة الأمازيغية أو اللغة الدارجة، مع أنها لم تكن أبدا في تنافس معهما»، على حد قوله.
أما اللغة الأمازيغية، في نظره، فقد «حققت انفجارا مدهشا»، حسب تعبيره، وأصبحت تراكم رصيدا متزايدا من خلال إنتاجاتها في الأدب المكتوب، وعطاءاتها في المسرح والسينما، وغيرها من التعبيرات الفنية.
وقال الأشعري إن الإبداع في اللغة العربية هو الخزان الحقيقي لتطويرها، والمدخل الأساسي لإعطائها مكانتها في المجتمع، داعيا إلى تعليمها بطريقة فعالة تضمن للأطفال والشباب مستوى جيدا لاستيعابها، من خلال الإتقان الذي يفتح أمامهم المجال واسعا لاكتشاف مضامين النصوص الأدبية.
وبعد أن لاحظ القيادي السابق في حزب الاتحاد الاشتراكي أن الشباب المغربي يصل إلى التخرج من الجامعة دون أن يقرأ رواية واحدة، انبرى يقول: «هل يعقل أن الكتب الفائزة بـ(جائزة المغرب للكتاب)، وغيرها من الجوائز العربية في الخارج، لا تجد طريقها إلى النصوص المتداولة في المدارس والمعاهد وغيرها؟ ولماذا لا تصبح مادة أساسية لتقريب المواطن من لغته عبر الأدب؟».

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

تعليقات