ألسن عين شمس تناقش «إشكاليات ترجمة الأعمال الأدبية بين اللغة المعيارية واللهجة الدارجة»
نظمت لجنة العلاقات الثقافية الخارجية التابعة لقطاع الدراسات العليا بكلية الألسن جامعة عين شمس ندوة بعنوان «إشكاليات ترجمة الأعمال الأدبية بين اللغة المعيارية واللهجة الدارجة»، في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمترجم، تحت رعاية د.مني فؤاد عميد الكلية، د.سلوى رشاد وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، وإشراف مقرر اللجنة الأستاذ الدكتور ماجد الصعيدي والذي أدار الجلسة، وتحدث خلالها د.عماد البغدادي الأستاذ المتفرغ بقسم اللغة الإيطالية.
و أشار د.ماجد الصعيدي مقرر اللجنة إلى تاريخ الاحتفال باليوم العالمي للمترجم الذي أطلقه الاتحاد الدولي للمترجمين عام 1991 في 30 سبتمبر وهو يوم وفاة القديس جيروم Jerome مترجم الكتاب المقدس إلى اللاتينية.
واقترح إطلاق يوم المترجم العربي في 20 نوفمبر، وهو يوم وفاة شيخ المترجمين في الثقافة العربية: حنين بن إسحاق الذي نقل الترجمة السبعينية للتوراة من اليونانية، كما ترجم كتب الطب والفلسفة اليونانية إلى العربية، وكان معروفا عند مترجمي العصور الوسطى المسيحية في أوربا وفي الكتب اللاتينية باسم (جوهانّيتوس) Johannitus.
ونعى مقرر اللجنة الأستاذ الدكتور رمسيس عوض أستاذ الأدب الإنجليزي بالكلية والمترجم والمفكر المعروف الذي توفي منذ أيام قليلة، وقد جاءت وفاته خسارة كبيرة لكلية الألسن وللحياة الثقافية والفكرية في مصر والعالم العربي.
وتناول د.عماد البغدادي خلال محاضرته التي دارت حول تجربته في ترجمة الأعمال الأدبية من الإيطالية إلى العربية، والمعايير التي التزم بها في نقل النص الأدبي من الإيطالية إلى العربية، والمشكلات التي صادفته في أثناء ذلك.
فبدأ بالحديث عن تاريخ اللغة الإيطالية، واللهجات المتعددة التي يختص بها كل إقليم من أقاليم إيطاليا العشرين. ثم تحدث عن تجربته في ترجمة رواية (تركيب التليفون) للروائي الإيطالي المعاصر أندريا كاميلليري الذي قسم روايته إلى فصول بعضها مكتوب باللغة الرسمية المعيارية وبعضها الآخر باللهجة الدارجة المنطوقة لسكان جزيرة صقلية في الجنوب الإيطالي حيث تدور أحداث الرواية في العقد الأخير من القرن التاسع عشر. وشرح كيف عالج مشكلة ترجمة الألفاظ والتعابير المحلية في الرواية والتي لايمكن نقلها كما هي في الأصل الإيطالي إلى العربية لأن الذوق العربي لا يقبلها، وترفضها التقاليد العامة للقارئ العربي.
جدير بالذكر أن الندوة حضرها عدد كبير من أساتذة الكلية، والهيئة المعاونة من المعيدين والمدرسين المساعدين، وطلاب الدراسات العليا؛ مما أثرى الندوة بكثير من المناقشات والمداخلات العلمية الجادة التي أثارت الكثير من قضايا الترجمة عموما وترجمة الأعمال الأدبية خصوصا، منها على سبيل المثال: ازدواجية اللغة المنقول منها وكيفية التغلب على تلك المشكلة، وكذلك ازدواجية اللغة المنقول إليها (وهي هنا العربية)، ومدى حرية المترجم في الاختيار أو المزج بين الفصحى والعامية، وهل هناك ما يسمى اللغة الثالثة التي تجمع بين سلامة الفصحى وسهولة العامية؟.. وفيما يخص ترجمة الأعمال الأدبية فإن الترجمة تكون عملاً مركباً من مستويين: مستوى الترجمة اللغوية ثم مستوى الترجمة الثقافية؛ إذ إن الترجمة – في حالة النص الأدبي الإبداعي – تكون نقلاً من وسط ثقافي له معايير جمالية وذوقية وأخلاقية خاصة إلى وسط ثقافي ذي معايير جمالية وذوقية وأخلاقية مغايرة. وهذه إحدى الإشكاليات الكبرى التي تواجه مترجم الأعمال الأدبية!
كذلك أثيرت ضمن مداخلات الندوة قضية دور المتلقي بوصفه طرفا مهما في عملية الترجمة.. خاصةً إذا ما احتوى العمل الأصلي على ما يخالف الآداب العامة أو المقدسات الدينية مثلاً.. وكيفية المواءمة بين الهدف الأصلي للنص وثقافة المتلقي وقناعاته.
وبمناسبة إثارة سؤال هل من الضروري التزام المترجم باللغة الفصحى في الترجمة؟ أشار الدكتور محمد الوزير الأستاذ بقسم اللغة العربية والخبير بمجمع اللغة العربية أنهم بصدد إعداد مشروع قانون سيقدم إلى مجلس النواب لإلزام بعض الجهات باستعمال اللغة العربية الفصيحة.
و أثنى الحاضرون على موضوع الندوة وما أثارته من قضايا مهمة في مجال الترجمة الأدبية خاصةً وفي لغة الترجمة بوصفها ناقلة للثقافة بشكل عام. واقترح عدد كبير من الحضور أن تعقد ندوات أخرى في هذا الموضوع وأن يشارك فيها أساتذة من أقسام الكلية المختلفة ليتحدثوا عن تجاربهم العملية في الترجمة وخبراتهم في هذا المجال على المستوى الأكاديمي والممارسة العملية وفي مؤسسات الدولة الأخرى.
وفي آخر الجلسة شكر مقرر اللجنة الحضور ودعاهم لمتابعة الندوة القادمة التي ستعقد في 11 ديسمبر القادم بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، وذلك ضم نشاط اللجنة.
تعليقات