الدستور – آية قمق
وصفها الشاعر حافظ ابراهيم بـــ « البحر» الذي يحوي الكنوز،عندما قال :» انا البحر في أحشائه الدرّ كامن/ فهل سألوا الغواص عن صدفاتي ؟»
واللغة العربية غنيّة بكل الاسرار والمُتع والبلاغة،ولهذا نجد الغيرة عليها في هذه الايام التي «هجرها» اهلها للاسف وانحازوا للاجنبي فاستبدلوا اسماء ابنائهم ومحالهم التجارية وحتى لغتهم اليومية بالفاظ انجليزية او فرنسية.
قال المؤرخ والكاتب الفرنسي إرنست رينان: « اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة».
في الأونة الأخيرة أصبحت الأمة العربية تعيش في مفترق طرق بسبب ما أدته العولمة والتكنولوجيا والتي حولت العالم إلى قرية صغيرة سريعة الأحدات والتغيرات، ما جعل الشباب يقلدون الغرب بكل شيء، والتأثيرات التي طرأت عليهم من التأثر بالعالم الخارجي، كل ذلك أدى إلى إضعاف لغتهم ومزجها بلهجات وكلمات مستوردة من كل حدب وصوب، خاصة أن مجتمعاتنا العربية أساس لغتنا العربية عكس الأجانب الذين تتنوع لغاتهم، فنحن حاملين اللغة العربية بمختلف اللهجات من المصرية والسورية والتونسية وكل ذلك يصب في اللغة الأم، أما اليوم ضعفت اللغة العربية عند الشباب بلغات لا تنتمي إلى هويتنا الوطنية وخلقوا عوالمهم الخاصة والتي تفتقر إلى القدرة على الكتابة والدراسة باللغة العربية، وبحال لم نحافظ على مكانة اللغة العربية ونوقف فوضى اللغات ستنشأ أجيال لا تعرف لغتهم الأم لغة الضاد.
حماية
ومن منطلق أهمية الحفاظ على اللغة العربية والدور الذي يقوم به مجمع اللغة في قانون لحماية اللغة العربية افتتح رئيس مجمع اللغة العربية الدكتور خالد الكركي المعروف باهتماماته الادبية والثقافية، الموسم الثقافي الخامس والثلاثين « الكفاية اللغوية في مراحل التعليم العام « والذي قام بمشاركة نخبة من الأكاديمين والأساتذة وفقهاء اللغة العربية من داخل الأردن وخارجه.
وشدد المجمع بصدور تعميم رسمي يمنع توظيف المعلمين وأساتذة الجامعات دون اجتياز امتحان كفاية باللغة العربية وهذا ما يدل على أن اللغة العربية متطلب مهم جداً ولا ينحصر فقط على طلبة المدارس والجامعات وإنما يطبق على الأساتذة الجامعيين.
أستاذ اللغة العربية محمد طكو قال بهذا الشأن» اللغة العربية هي لغتنا الأم وتمثل الركن الأهم في حياتنا، لذلك من الضروري جداً اعتمادها كمعيار أساسي في اختيار أساتذة الجامعات لما لدورهم من أهمية في بناء الأجيال والمجتمع. فإن تميز الأستاذ في الجامعة في لغته الأم سيكون له انعكاس إيجابي على كل المجتمع والعكس صحيح أيضاً».
أهمية
أهمية اللغة تقول معلمة اللغة العربية سوزان قصي : « لغتنا العربية هي اللغة الأم ولا يخفى علينا أهميتها ومكانتها، ولكل أمة لغتها التي تشكل شخصيتها وهويتها، وتحاول الأمم جاهدة أن تحافظ على كينونة اللغة وفي حال تم إهمال لغتها فأفرادها مهددون بضياع هويتهم، وكانت اللغة العربية على مدار سنوات كثيرة هي اللغة الأساسية لكافة مجالات الحياة التي شهدت ازدهاراً إضافة للعلوم التطبيقية، ونحن معلمين وأولياء أمور علينا أن نحافظ على أساسيات اللغة العربية لدى أطفالنا ونكثف جهودنا حول الحفاظ على اللغة العربية في ظل المتغيرات الحديثة التي طرأت على العالم بفعل التكنولوجيا الحديثة، وذلك يتطلب جهودا مبذولة لكفافة الجهات الرسمية والخاصة والأسرة والجامعة والمدرسة.
وأضافت : « نحن نعتز بلغتنا العربية ونسعى إلى أن ننشىء أجيالا حريصة على اللغة العربية في اتقانها وتعلمها وأن تكون مُحبّة لها، من بداية نشأة الطفل في المراحل الأساسية وكافة المراحل التعليمية يتعلم اللغة العربية الرئيسة في المنهاج، لكن مع انتشار المدارس الأجنية ونظام التدريس في اللغة الإنجليزية، ابتعد الطلبة عن لغتهم الأم وأصبحوا ضعفاء بها، ومع التطور أصبح وللأسف أولياء الأمور يسلجون أبناءهم في مدارس أجنبية ليس لزيادة الثقافة أو حتى التعليم الجيد وإنما هو نوع من المظاهر كون أن ابنهم يدرس المنهاج باللغة الانجليزية ويمارسها باتقان وهو ضعيف بالعربية «.
وأوضحت أن اللغة العربية لا تقتصر على الطالب فقط فالمعلمون حتى العاملين بكافة الدوائرة والوظائف والمؤسسات يعتمدون على اللغة العربية في تسيير أعمالهم، على الموظف أن يتقن العربية وبذلك يمكن لنا إعادة أهمية اللغة العربية ومكانتها بكل مكان، ويجب أن يكون هناك امتحانات باللغة العربية للعاملين بالمؤسسات إضافة إلى اشتراط إيجادة اللغة العربية وا، يكون ذلك متطلب للتوظيف بمثل ما تقوم به دول العالم، أي أمة لا تفتخر وتعتز في هويتها لا تلوم الا نفسها إذا جاء يوم ولم يتم احترامها من قبل الغير «.
توصيات
وقد نتج عن بحوث هذا الموسم ومناقشات المشاركين فيه جملة من الملاحظات والتوصيات والبيان الختامي كالأتي :
* إعداد دراسة متخصصة ومتكاملة عن واقع امتحانات الكفاية في الجامعات الأردنيّة، تتناول الأسئلة، والنتائج والمناهج المقرّرة وتربط النتائج بالتخصصات ومعدلات القبول، وتكشف التفاوت بين الجامعات، وتشخّص الخلل، لتكون هذه الدراسة مدخلاً لمؤتمر تربوي أكاديمي يهدف إلى تطوير تعليم اللغة العربية في الجامعات الأردنيّة.
* الدعوة لاعتماد امتحان الكفاية باللغة العربية المنصوص عليه في قانون حماية اللغة العربية بديلاً من الامتحانات غير الموحدة لهذه الغاية في الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة.
* أن تعمل لجان واضعي أسئلة امتحان الكفاية في اللغة العربية على دراسة نتائج تجريب الاختبار وتعديل الفقرات في ضوء ذلك، مثل:
تدقيق الإجابة النموذجية للفقرات التي جذبت مموهاتها من المفحوصين نسبة أكبر من جذب الإجابة الصحيحة.
وإعادة النظر في صياغة الفقرات التي تبين نتائج التجريب ضعف صعوبتها وتمييزها.
وايضا ،إعادة صياغة مموهات الإجابة غير الفعالة.
مراجعة تعليمات الامتحان وزمن الإجابة والصياغة اللغوية لبعض الأسئلة في ضوء الملاحظات النوعية التي جمعها المراقبون واستفسارات المفحوصين.
* تشكيل فريق من خبراء المحتوى يحدد الإطار العام لاختبار الكفاية اللغوية (المحاور والمهارات الاساسية للكفايات اللغوية المستهدفة بالامتحان) ومعايير ومؤشرات الأداء عليه وتعميمها على الفئات المستهدفة «وزارة التعليم العالي، الجامعات، ديوان الخدمة المدنية ، وزارة التربية والتعليم،».
* ضرورة أخذ واضعي المناهج ومؤلفي الكتب المدرسية بالكفايات المعرفية ومنها: كفاية التنامي، والضبط، والنسقية، والبنائية، والتحليلية، والإنجاز.
* تنبّه المدرسين إلى أهمية تضافر المهارات الأربع (الكتابة والقراءة والاستماع والمحادثة)، فهي تتواصَل ولا تتفاصَلُ، وهي الصورة الدالّة على أهليّة المتعلِّم للتواصل اللغويّ؛ لهذا ينبغي الترفّق بأبنائنا وهم يتعلِّمون المهارات اللغويّة التي لا يمكن الاستغناء عنها، ولا سيما في عصر مجتمع المعرفة وتقنيات التواصل العابرة للجدران.
* تحديد الأطر العامة التي تحكم تقديم الكفايات النحوية للناشئة لتحقيق الثمار المرجوة، والعناية بأساليب التقويم المناسبة لتحقيق هذه الكفايات المتمثلة أساساً في استعمال اللغة السليمة المقبولة الناجحة في سياقاتها في مواقف الأداء المختلفة.
وايضا أن تعمل الجهات الرسميّة على تخطيط لغويّ مُمنهَج ومدروس لحلّ مُختلف المشكلات اللغويّة، وتوثيق المهارات اللغويّة عند المعلمين بالدعم والمُتابعة المستمرّة، لإنشاء جيل بكفايات لُغويّة عالية، فإصلاح لُغة المعلم لا بُدّ أن يتبعه إصلاح في لغة الطالب.