متابعات إعلامية للمؤتمر الوطني الخامس للغة العربية:المؤتمر الوطني الخامس للغة العربية يكمل النقاشات وينسج التوصيات

قال عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد الإسلامي، إن “سبب ضعف القدرة التفاوضية للمغاربة في المحافل الدولية هو غياب القيم”. وأضاف في معرض حديثه بالمؤتمر الوطني الخامس للغة العربية، الذي نُظم بالمكتبة الوطنية في الرباط، قوله: “تكونوا باللغة الأجنبية ولم تعطهم قوة في شخصيتهم، بل فقط انفتاحا على العالم”، واسترسل: “اللغة ليست تعبيرا عن الهوية فقط، بل تعبيرٌ عن القيم المجتمعية داخل المجتمع”.

وتساءل الخبير الاقتصادي: “هل الشخصية المغربية الآن، بشكل عام، مؤهلة للقيام بالتحدي العالمي على مستوى التنمية؟” قبل أن يجيب بأن “الشخصية المغربية ضعُفت لأن مصادر القيم وقع فيها بتر، وأحد مصادر القيم هو اللغة”، مشيرا إلى أن “تهميش اللغة الأم تهميش للتراث الأخلاقي الموجود فيها”.

وأضاف عمر الكتاني: “نحن نعيش نموا اقتصاديا، وانحدارا في الشخصية المغربية وقيم الإنسان المغربي، فالمُدن متقدمة اقتصاديا، والقرى متقدمة أخلاقيا؛ وهذه خسارة في كلتا الحالتين”.

محمد العمراني، الذي ناب عن تنسيقية مدارس اللغة العربية ببلجيكا، سرد تطور الأجيال المغربية في أوروبا، والصعوبات التي واجهتها في محاولة تعلمها اللغة العربية.

الصعوبات، يشير العمراني، “منها أن عددا من الناس حملوا معهم المناهج التعليمية المغربية، ولكن لم تؤت ثمارها لأن تعليم العربية لغير الناطقين بها ليس كتعليم العربية للناطقين بها”.

وأكد العمراني أنه “لا يمكن أن نستثني اللغة العربية في بناء الهوية، وينبغي تداخل دور الفاعلين التربويين والمؤسسات للمبادرة بخلق جذور التواصل والهوية المغربية في الأجيال القائمة، من أجل الانفتاح على ثقافة بلد الإقامة والثقافة المغربية، دون ذوبان”.

سميرة بن عبد الوهاب، أستاذة ومقدمة برامج في بلجيكا، قالت إن “هناك مشاكل كثيرة تواجه المربين والأمهات لتعليم الأبناء لغتهم العربية، فرغم أن هناك مساجد وبرامج لكنها غير مناسبة”.

وأضافت في سياق حديثها عن أسباب عدم النجاعة أن “هناك مدارس ومساجد تستعمل مناهج قادمة من الشرق، وأساتذة ليسوا في المستوى”. كما تطرقت إلى أسباب أخرى”كوسائل التعليم التقليدية التي لا تناسب الجيل الجديد، والفضاءات غير الملائمة، وعدم وجود استمرارية في ولوج مدارس اللغة العربية، مشيرة إلى أن هناك أطفالا يكرهون الذهاب إلى مدارس العربية والمساجد لهذا السبب.

فيما قالت الأستاذة الجامعية فاطمة الحسيني إن “النموذج المنشود غير مستورد”، مؤكدة أن “كل الدول تعلم بلغاتها الوطنية، والتعليم بغيرها يبوء بالفشل، أو يؤدي إلى نتائج غير النتائج المرجوة”.

وأضافت الحسيني، في سياق حديثها عن تعليم اللغة العربية لأبناء المغاربة المقيمين بالخارج، أن “المتعلم يعيش مفارقات؛ فالمُحتويات والطرق لا تساعده على إنماء مهاراته اللغوية أو كفاياته القيمية، وكفاياته التواصلية”، كما أن “الدروس غالبا ما تُبرمج خارج ساعات العمل في يومي السبت والأحد مما ينفره منها”. وأوضحت أن “الأسباب التي تُحفز أبناء الجالية على تعلم اللغة العربية هي تعلم القرآن، والحفاظ على الهوية المغربية”.

بينما أرجع يحيى شوطة، الباحث المغربي، إشكال الندوة إلى “السؤال اللغوي الذي رافق المدرسة المغربية منذ الاستقلال”. وأضاف: “ليست لدينا سياسة لغوية بالمغرب، وتم تسطيح النقاش حولها يمينا وشمالا، فالسياسة اللغوية تخطيط واع ومُسبق”.

وأوضح المتحدث أن “ما عندنا هو تخطيط لغوي قسري يفرض نفسه على واقع الحال”، مضيفا أن “اللغات الأجنبية في المغرب وضعها أحسن من اللغة العربية، والباكالوريا الدولية ليست دولية بل فرنسية”.

وفسر شوطة هيمنة اللغة الفرنسية بالمغرب قائلا: “هناك نخب تريد أن تستديم هيمنتها، فاللغة ليست أداة تواصل فقط، بل تصبح أداة للإقصاء الاجتماعي” في بعض الحالات، مشيرا إلى وجود وظائف لا يمكن الدخول إليها إذا لم يحضر إتقان الفرنسية”.

جدير بالذكر أن المؤتمر الوطني للغة العربية، الذي نظم تحت شعار “نحو استراتيجية وطنية للنهوض باللغة العربية”، استمر يومين وخرجت دورته الخامسة بمجموعة من التوصيات من بينها: ضرورة إيجاد نموذج تنموي يرتبط باللغة العربية وتمكينها، ومواكبة الخيبة اللغوية مع الدستور الجديد.

كما تمت الدعوة في ختام الموعد ذاته بالسير نحو تخطيط لغوي سليم، وضرورة تجاوز الانبهار بالتقارير الأممية، وجعل اللغة وسيطا تجاريا وأداة للتنمية، وتجاوز الصراع المصطنع مع لغات أخرى، وتجاوز الخلط المقصود بين تدريس اللغة ولغة التدريس.

هسبريس

التعليقات (0)
إضافة تعليق