برحيل محمود درويش تكون تضاريس العربية قد فقدت واحدا من أهم جبالها: الجبل الأكثر اخضرارا من أحلام الربيع.
برحيل محمود درويش تكون أجنحة الشعر قد فقدت بعضا من ريشها الذهبي: الريش الذي لم يرض قط بغير الأرض سماءً.
برحيل محمود درويش تكون النساء قد فقدن عاشقا كبيرا: العاشق الذي له ألف قلب من الكريستال.
برحيل محمود درويش تكون الكمنجات قد فقدت أعذب أوتارها: الوتر حيث يجري حليب الموسيقى.
برحيل محمود درويش تكون أشجار الزيتون قد فقدت شقيقها المبارك: الشقيق الذي نذر زيته لفتيل الوطن.
برحيل محمود درويش يكون الليل العربي قد فقد نجما: أقصد النجم الثاقب طبعاُ.
برحيل محمود درويش تكون فلسطين قد فقدت محاميها الأكبر: المحامي الذي ترافع عنها خمسين عاما أمام مئات الملايين من شهود الزور.
برحيل محمود درويش تكون بيروت قد فقدت مؤسسها الرمزي: المؤسس الذي أعلنها خيمتنا الأخيرة.
برحيل محمود درويش تكون الأرض قد فقدت أحد أبنائها البررة: الإبن الذي لم يقل لها أفِّ أبدا مع أنه شاهد تحت أقدامها أكثر من جحيم.
برحيل محمود درويش تكون الأغاني قد فقدت أصفى أصواتها: بحّة الناي في ذاكرة القصب.
برحيل محمود درويش يكون البحر قد فقد موجته الساحرة: الموجة التي أخرجت شعر الحوريات إلى نثر الرمال.
برحيل محمود درويش تكون “إسرائيل” قد فقدت عدوها النبيل: من غيره قارع عظام الهدهد برفات كنعان؟
برحيل محمود درويش تكون الحدائق قد فقدت بعضا من عطرها الفصيح: انظروا إلى الأرض كيف أصبحت أقل ورداً.
برحيل محمود درويش أكون قد فقدت معلما استثنائيا: أذكر، كنت لا أزال ترابا حين لقنني درسا في الربيع.
برحيل محمود درويش يكون جبل الكرمل قد فقد ظله العالي: هل ظِلٌّ ونواريه السماء؟
برحيل محمود درويش يكون خبز أمي وقهوة أمي قد فقدا الطعم والرائحة: من أين لهما والحنين نفسه في حداد؟
برحيل محمود درويش تكون الفراشة قد فقدت أثرها: زلزالاً في أرض القصيدة.
برحيل محمود درويش يكون الموت قد فقد ندّه الشهم: عزاؤنا واحد أيها الموت، لك من الشاعر الجدارية ولنا ما تبقى.
برحيل محمود درويش يكون الضوء قد فقد صنوه المتواضع: ظلماء هي القصائد بعدك وظلماء يا محمود.
برحيل محمود درويش تكون بوصلة الشعر العربي قد فقدت شمالها : لكم أنت يتيمة أيتها الجهات.
برحيل محمود درويش تكون العذوبة قد فقدت أحد منابعها الثرة: زُلالاً كان وزلالاً كان شعره.
برحيل محمود درويش تكون الحياة قد فقدت أحد محترفيها الكبار: شاهدة كلماته، فهي بمثابة سكرات الحياة.
برحيل محمود درويش يكون الشعراء قد فقدوا فنّاراً: فلتهتدي مراكبهم بضوء في الذاكرة.
برحيل محمود درويش تكون الإنسانية جمعاء قد فقدت الناطق الرسمي باسم الألم: راجعوا أعماله الكاملة، فثمة متحف للأنين.ش