ناقش باحثون متخصصون في اللغة والفن، دور اللغة العربية في الإبداع الفني، في ندوة علمية تحت شعار “العربية لغة الهوية والمعرفة والإبداع والجمال”، وذلك تأبينا للمرحوم الفنان محمد حسن الجندي، من تنظيم مركز عناية للتنمية والأعمال الاجتماعية بالمغرب، بشراكة مع الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية واتحاد كتاب المغرب فرع مراكش.
الندوة التي أدارها ياسين عدنان، بقصر بلدية مراكش، يوم الجمعة المنصرم، اعتبر فيها مصطفى غلمان، رئيس مركز عناية للتنمية والأعمال الاجتماعية، أن اللغة العربية ضرورية في الوجود الوطني، مشيرا إلى أن قيمة الفنان الجندي ودوره في الرقي بالفن المغربي، فيما سرد رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، فؤاد بوعلي، سيرة الفنان الجندي، معتبرا أنه “رمز من رموز الهوية الوطنية وأحد المنافحين بصدق وتمثل حقيقي عن لغة الضاد وعن منظومة القيم الوطنية”.
عبد الكريم برشيد، شدد في مداخلته تحت عنوان: “اللغة في الفن بين الواقعي وما فوق الواقعي”، على ضرورة التمييز بين الفرنسية كلغة وبين الفرنكوفونية كسياسة استعمارية حاولت محو ذاكرة المغاربة وقيمهم الأخلاقية، مسجلا دور إنتاجات الفنان محمد حسن الجندي، باعتباره “صاحب قضية واضحة في المسرح، اسمها الأخلاق، التي أسهمت بشكل كبير في تصوره لتطوير اللغة العربية، باستعماله لغة تخاطب الجميع، من خلال وسائل إعلامية، ساعدت على المحافظة على لغة الضاد”.
وركزت الشاعرة والأستاذة الجامعية مالكة العاصمي، على أهمية العناية باللغة العربية، لافتة إلى الاستعمال غير السليم لها في الإعلام المغربي، حيث تكثر الأخطاء، معرجة على لغة الفنان الجندي ورقيها.
وفي موضوع “اللغة في مسرح وأداء محمد حسن الجندي”، اعتبر محمد زهير أن اللغة عند الفنان محمد حسن الجندي لم تكن وسيلة للتواصل، بل هي التعبير والمفكر فيه، لأنه يتفاعل معها، مضيفا أن اللغة عند الفنان الراحل “مطواعة في فصيحها وعاميتها، لأنه استعمل الدارجة الأقرب إلى اللغة العربية”، حسب قوله، مشيرا إلى “حرص الجندي على اللغة العربية، بمقاماتها وطاقاتها، وتميز بذاكرة مسرحية خصبة، ونزعة وطنية وقومية ناهضت كل الطقوس المتخلفة، وحملت قيما فنية وإنسانية”.
بدوره اعتبر الطاهر الطويل في مداخلة “لغة المستقبل”، أن اللغة العربية قادرة على التطور لأنها شكلت عبر العصور حاملا للفكر الإنساني وكانت صلة وصل بين الحضارات والثقافات، مشيرا إلى أن الاستلاب اللغوي يكرس نوعا من التبعية للآخر (الغرب)، بدءا من اللغة ومرورا بالآداب والفنون والبحوث المكتوبة بهاتين اللغتين، وصولا إلى تكريس نوع من التفكير والثقافة لدى مستعمليهم، على حد قوله.
من جهته، أبرز عبد الله المعاوي التي قارب “أهمية اللغة العربية في صياغة النص المسرحي الرائد بالمغرب ـ زكي إبراهيم نموذجا”، أن اللغة العربية في الجنس المسرحي بالمغرب كانت لغة تحرر من الاستعمار، بينما تحدث إبراهيم فكاني عن “الشعر المغربي المعاصر بين سلطة التقليد ووهم التحديث”، مشيرا إلى أن طموح المبدع قد يكون إقليميا أو عالميا، مؤكدا أن الناقد يجب عليه أن يتوجه في بحثه إلى الكشف عن الغموض في التجارب الشعرية.
وتناول إسماعيل هموني استعمالات اللغة العربية عند المتصوفة ـ ابن عربي نموذجا”، معتمدا في تحليله على ابن عربي، الذي تقوم لغته على ركنين أساسيين، هما القرآن ومدونة شعر العرب، منبها إلى أن نص هذا الفيلسوف، الذي نحت لغة خاصة به، يصعب قياسها بمقاييس البلاغة والبيان والبديع المتعارف عليه، لأنها لغة الكشف الصوفي.
وفي ختام الندوة، أعلن مصطفى غلمان عن تأسيس المنسقية الجهوية للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بجهة مراكش آسفي، حيث تضمنت الندوة سهرة لفن الملحون من إبداع فرقة جمعية عبد الله الشليح لهواة الملحون، وزيارة خاصة لمؤسسة “أدوار السياحية الثقافية”.
المنسقية الجهوية للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بجهة مراكش آسفي، التي تأسسب بحضور رئيس الائتلاف فؤاد بوعلي، ضم مكتبها الجهوي كل من مصطفى غلمان منسقا جهويا، وعضوية كلا من الشاعر إسماعيل زويريق والشاعرة فاطمة الزهراء اشهيبة والناقد إبراهيم فكاني والأديبة آية مالكة العلوي.