تقرير الندوة العلمية في موضوع ” اللغة العربية وتدريس العلوم الواقع والرهانات

تحت شعار: نحو استراتيجية وطنية للنهوض بتدريس العلوم باللغة العربية، نظم الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية ندوة علمية في موضوع: اللغة العربية وتدريس العلوم: الواقع والرهانات، وذلك يوم الخميس 09 ماي 201، بمشاركة ثلة من الدكاترة والأساتذة الباحثين والممارسين ، بتجاربهم ومشاريع عملهم وأبحاثهم في مجال البحث والتدريس والإبداع في مجالات علمية من التخصصات الدقيقة من فيزياء وطب ورياضيات و هندسة ومعمار …باللغة العربية، بمهارة وتمكن مهني  متميز يسر  الدكتور الطاهر الطويل هذا اللقاء العلمي.

عرض الاستاذ الدكتور محمد البغداديأستاذ الفيزياء النظرية ومؤسس ومدير مختبر الفيزياء النظرية بجامعة محمد الخامس وصاحب أكبر موسوعة علمية في “أسس الفيزياء المعاصرة”، باللغة العربية الصادرة حديثا، بمداخلة  في الموضوع ” اللغة والعلوم والإيديولوجية ” مشيرا إلى الدين واللغة دعامتين أساسيتين للإنسان ، وفي عصر النهضة العربية التي دامت 8 قرون كانت اللغة العربية هي اللغة الوحيدة في العالم وكتب بها عدة علماء غير العرب ، وفي الناحية الثانية في حالة النقاش في مواضيع علمية يجب ألا تدخل مسألة الدين في  مجال النقاش العلمي، ويذهب الدكتور إلى أهمية فصل العقيدة عن اللغة والعلم ، وفي معرض جوابه عن  سؤال لماذا اللغة العربية؟ يذهب الدكتور البغدادي إلى أن لا أمة تطورت بغير لغتها، وأشار في هذا السياق إلى نماذج من الدول التي تدرس بلغتها الوطنية، أكيد أنه في بعض الفترات من التاريخ تتميز لغة على لغات أخرى ( الإنجليزية والألمانية)أماالفرنسية فلم تكن إطلاقا لالغة علم ولا لغة تقنية.اللغة الإنجليزية الآن هي لغة العلم.وفي اليابان مثلا أرسلت البعثات للغرب للتعلم والبحث، واليابان اليوم براءات الاختراع أكثر منه في أمريكا  يقرأون ويكتبون بلغتهم ، كذلك الصينيون…،

من ناحية النقاش الحالي، هل ندرس باللغة العربية أم نعرب الجامعة؟ الوضع الحالي يدل على أن اللغة العربية ليست مشكلة بل هي الحل للمشكلة .

مؤكدا أنه “لا يمكن لأمة أن تتقدم إلا إذا درست وعلمت بلغتها الأم، كما أنه لا توجد دولة متقدمة في العالم إلا بلغتها”، ولأن “كل أمة عندما تصبح إمكانياتها العلمية كثيرة تنتشر  لغتها أكثر، فاللغة الإنجليزية انتصرت لأن الامبريالية انتصرت في الحرب العالمية الثانية، ولأن اللغة الإنجليزية لغة العلم”.
وبين ذلك بنماذج  من دول متقدمة منها: دولة ايسلندا التي يتم فيها تدريس العلوم باللغة الإيسلندية في الجامعي ،و دولة اليابان كانت ولاتزال تُدرس بلغتها  اليابانية رغم الهيمنة الأمريكية، كما أن الصين لا تقرأ ولا تكتب إلا بلغتها”.مبينا أن“كل أمة عندما تصبح إمكانياتها العلمية كثيرة  ومتقدمة تنتشر لغتها بشكل كبير، فاللغة الإنجليزية انتصرت لأن الامبريالية انتصرت في الحرب العالمية الثانية، وأصبحت لغة العلم”.

و تناول  الدكتور العربي بوعياد استاذ بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية جامعة محمد الخامس  الرباطفي مداخلته جانبا من  تجربته الشخصية في مجال العمارة واللغة العربية وعلاقتها بالشخصية العربية وانتمائها الحضاري.مركزا على العلاقة الجدلية بين الحضارة والخطاب الحضاري الذي تحمله العمارة  ، وبين من خلال نماذج من البناء المعماري كيف تعكس العمارة المعتقدات و  والانتماء الحضاري للشعوب، وقد أشار الدكتور أن البحث  الذي أنجز في موضوع الحضارة الإسلامية تعني الحضارة والدين والعوامل المادية والبشرية التي ترتبط بها. وهذا أمر تشترك فيه جميع الحضارات الإنسانية، وهذه العلاقة بين مكونات وعناصر الحضارة تنصهر فيما بينها لتشكل هذه الخصوصية لكل عمارة على حدة  واللغة العربية بشكل خاص هي أهم دعائم هذا الصرح الحضاري .

          وفي علاقة بذلك أكد الدكتور بوعياد على المقاربات التي اشتغلت على اللغة العربية ، من المقاربة   العاطفية التي انطلقت بعد الاستقلال ، إلى المقاربة  الحضارية  وهي مقاربة جوهرية للغة،ثم المقاربة العملية التي توظف الإمكانيات الدلالية للغة العربية في كل المجالات العلمية، وهي  المنطلق في هذا المشروع في مجال العمارة  ، ويرى الدكتور أن الانفتاح على اللغات الأخرى يعني التواصل والتفاعل وليس الذوبان في هذه  اللغات ..، وتم اختيار اللغة العربية لغة أساسالبرنام أوراش المعتمد في مجال العمارة العربية  لأنها ،اللغة العربية، مكنت بثرائها الدلالي الهائل وبأسلوبها الاشتقاقي  الذي يساعد على استنباط مصلحات جديدة ومن  تجنب الإطناب وهي مسألة تفردت بها اللغة العربية دون غيرها من اللغات، إضافة إلى  خاصية إمكانية إنشاء لغة برمجة خاصة بهذا البرنام(أوراش) ، ساهم في  إبراز   الخصائص التي تفردت بها العمارة العربية من إضاءة و ظلال و هندسة للفضاءات الداخلية للبيوت والمؤسسات مقدما  نماذجابتكرها الطلبة بفضل هذا البرنام. وختم مداخلته بشعار مهم فحواه  “نحو لغة عربية حية”.

والدكتور عبد العزيز عديدي،أستاذ التعليم العالي، مدير المعهد الوطني للتهيئة والتعمير سابقا، متخصص في الجغرافيا ما يرتبط بها من علوم ، وفي مجال التعمير وإعداد التراب الوطني ، معتبرا أن قدرة اللغة العربية على مسايرة العصر  قائمة ومحفوظة لأنها لغة علم بامتياز ، وقد أثبتت ذلك بما قدمه  العلماء العرب والمسلمين من علوم ترجمها الغرب في مختلف الميادين،  فعائق الترجمة اليوم  يقف أمام تقدم وانتشار اللغة العربية ، مبرزا أن “الكثير من دول العالم تدرس العلوم بلغتها الرسمية وإن كان حجمها صغيرا، وما يترجم في العالم بأسره باللغة العربية من المحيط إلى الخليج لا يساوي ما يترجم وينشر في البلدالأوروبي الواحد ” مؤكدا على أهميةالترجمة التي تسمح بالتراكم المعرفي.لأن اليوم حوالي 80 في المائة من البحث العلمي على مستوى العالم ينجز بالإنجليزية و20 في المائة الباقية تتوزع على باقي اللغات، و نصيب اللغة العربية منها أقل، واللغة العربية أكثر اللغة قدرة على التطور والانتشار، وأعرب عن أسفه الشديد لعدم اعتماد طلبة الدكتوراه على المراجع العربية واكتفاؤهم بالمراجع الفرنسية خاصة وهذا نقص في التكوين وبعد النظر.

كما أشار في معرض حديثه عن مساهمة ابن خلدون في مجال  العمران وفيما أسس له من مفاهيم تقوم عليها النظريات الحديثة وتتداولها اليوم ومنها الحكامة والحكم الرشيد والاستدامة والشراكة وتدبير المخاطر وهي مصطلحات تسوقها اليوم المنظمات العالمية …مع الأسف طلبتنا لا يقفون عند هؤلاء العلماء بل ربما لايعرفونهم ، وبذلك أكد الدكتور  في ختام مداخلته  على ضرورة الرجوع إلى تراثنا الديني والعلمي لحل مشاكلنا، وعلى  ضرورة  العناية بالترجمة في جميع العلوم.

عرض الدكتور عبد العالي زين العابدين ” منسق مسلك العلوم الرياضية وتطبيقاتها , شعبة الرياضيات كلية العلوم جامعة محمد الخامس بالرباط حول التنفيذ  المخطط له و فق رؤية مستقبلةلموضوع لغة التدريس في التعليم العالي.

مبرزا أن اللغة العربية “هي لغة العلم بامتياز بما قدمته الحضارة العربية والإسلامية من علوم ،وبين أن مسألة التأليف والترجمة لن تكون عائقا أمام اللغة العربية ، ولذلك يجب التفكير في الترجمة وفي الجودة في الترجمة في مختلف المجالات العلمية والعلوم الإنسانية . ودعوته إلى وضع استراتيجية لغوية لتعريب العلوم والتدريس باللغة العربية. وفي مسألة الرياضيات والمحيط يدعو الدكتور لهدم الحدود في الجامعة بتكوين شمولي مندمج بلغة واحدة  والتفكير في تكوين المواطن تكوينا شموليا ,

في مسألة الاختبارات الدولية أشار إلى نتائج  تلاميذ في فرنسا  في اختبارات “تيمز ” وكانت أقل من المعدل الوطني والمعدل العالمي  فكلفت فرنسا أحد الباحثين الفرنسيين  ليتكلف بدراسة الأسباب وإعادة الاعتبار للرياضيات كسبيل لتكوين الفكر العلمي لدى الطلبة والباحثين .

وكإجراء عقلاني لابد من وضع رؤية استراتيجية تنهض باللغة العربية وبتدريس العلوم.

تقدم  الدكتور خالد سامي أستاذ التعليم العالي، شعبة المعلوماتية والرياضيات ، جامعة القاضي عياض كلية العلوم شعبة الرياضيات  مراكشمركزا على ما اعتبره فاتورة اعتماد الفرنسية في تدريس الرياضيات والعلوم في التعليم العالي وعرض تجارب لتدريس الرياضيات باللغة العربية في العــــــالم .

مؤكدا على مظاهر   الردة التي يشهدها بلدنا اليوم بالسعي إلى  تدريس الرياضيات باللغة الفرنسية لغة المستعمر بالأمس، ولماذا هذا الاختيار  ؟

وعرض الدكتور  مجموعة من الكتب والمواقع الإلكترونية باللغة العربية لبيان بطلان دعوى من يقولون بقصور اللغة العربية وعدم اتساع معجمها العلمي بالمصطلحات والمفاهيم ، مؤكدا على أن إصلاح الجامعة لا يمكنه أن يتم بدون اللغة العربية  في سياق مشروع إصلاحي شامل .

مداخلة  الدكتور  عدنان التازيالاستاذ والدكتور محمد عدنان التازي،أستاذ بالمدرسة الوطنية للصحة العمومية، والكاتب العام للجمعية المغربية للتواصل الصحيبالمدرسة الوطنية للصحة،ركزت على تدريس “العلوم باللغة العربية نموذج  الطب والصحة، واستدل على ذلك بالإحصائيات بينت  نسب استيعاب الطلبة للدروس في حالة تلقيها بلغة اجنبية غير اللغة العربية وبين تلقيها باللغة العربية، وكانت نتائج الدراسات التي اعتمدها تبين الفرق الشاسع بين قدرة الطلاب على القراءة والاستيعاب باللغة العربية أكثر منها باللغة الإنجليزية وفي دراسة بكلية الطب بالدار البيضاء بينت أن  %30    من الطلبة في السنة الأولى  يديهم صعوبات في فهم الدروس باللغة الفرنسية، 43%  يفضون التدريس باللغة العربية ، و63%  لديهم صعوبات في التواصل مع المرضى. وقد بين في سياق ذلك أن 20 دولة متقدة في العالم تدرس الطب بلغتها  الوطنية مستدلا علة ذلك بمؤشرات علمية دقيقة. وأشار الدكتور عدنان التازي إلى الأشواط التي قطتعها  عملية تدريس الطب باللغة العربية  وتعريب البرامج  وترجمة الكتب وإعداد الأطروحات باللغة العربية…

وأشار إلى مكانة اللغة العربية بين اللغات العالمية وهي الرابعة عالميا بعد الإنجليزية والصينية والإسبانية في حين تحتل الفرنسية المرتبة السابعة  ، ونفس الملاحظة تنسحب على استعمال اللغة العربية في مواقع التواصل الاجتماعي وفي ارتفاع  نسبة المحتوى العربي على الإنترنيت، ليدحض المغالطات التي تقول بقصور اللغة العربية   وعدم غنى معجمها

العلمي  والحضاري في مختلف المجالات . وبتوصيات هامة ختم مداخلته ، أهمها:

  • تعز يز  تعليم اللغة العربية منذ التعليم الأولي 
  • تدريس ٌ المواد العلمية والتقنية  باللغة العربية  في جميع المستويات.
  • جعل اللغة الإنجليزية اللغة الثانية في التعليم
  • الانتقال التدريجي إلى تعريب التعليم العالي 


وقد أكد المتدخلون بالإجماع على أنه “لا يمكن لأمة أن تتقدم إلا إذا درست وعلمت بلغتها الوطنية، كما أنه لا توجد دولة متقدمة في العالم  لا تعلم بلغتها.

التعليقات (0)
إضافة تعليق