الرباط: كشف عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، أن المغرب يدرس إمكانية تقديم طلب لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قصد تسجيل فن الملحون ضمن التراث العالمي باعتباره تراثا غير مادي، وذلك في الأمد المنظور.
وأضاف لحجمري، في كلمة القاها صباح اليوم، في افتتاح يوم دراسي نظمته أكاديمية المملكة المغربية حول لغة فن الملحون بالرباط، أن احتفاء الأكاديمية بالملحون يمثل تتويجا ل”عمل توثيقي مضن وطويل ضمن سلسلة موسوعة الملحون حيث بلغنا الديوان العاشر”.
وأكد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة أن المؤسسة تروم إطلاق مقاربات جديدة، وصفها ب”غير المسبوقة للملحون داخل الأكاديمية”، معتبرا أن تناول سؤال “لغة الملحون في خضم النقاش الدائر حول لغة التدريس في المغرب”، هو تناول “في اعتقادنا يتجاوز سقوف ما هو بلاغي وبديعي ووجداني، ليتوقف بتأمل حديث عند خصوصيات لغة الملحون وربما “لغات الملحون” مستحضرين أن اللسان واحد، وأن المنطوق والمكتوب متعدد ومتنوع”.
وأشار لحجمري إلى أن الأكاديمية من خلال التئام هذا اليوم الدراسي تطرح “سقفا جديدا يكون فيه للمبدعين والباحثين مساهمة في ورش ملاءمة البحث التراثي الأدبي مع حاجيات اليوم”، مبرزا أن الحاجة ملحة إلى “لغة تلقين قادرة على المزاوجة بين البساطة والحمولة المعرفية”.
وأفاد لحجمري بأن أكاديمية المملكة تسعى للانتقال لأول مرة من “البحث والتوثيق والنشر إلى الاشتغال الفني في سعي إلى الجمع بين المنتوج الأدبي وآليات الإبداع المتجددة الكفيلة بالانتشار العابر والمؤثر الدائم”، معتبرا أن الملحون “حقا ديوان حي للمغاربة”.
جانب من حضور اليوم الدراسي |
لافتة اليوم الدراسي حول لغة الملحون |
وشدد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية على أن الأكاديمية تعتمد على “مدى التفاعل الإيجابي والتعاون المثمر لكل المعنيين بالملحون، توثيقا وبحثا وإبداعا وإنتاج وترويجا”، مؤكدا أنها مستعدة للإنصات الواعي والشراكات المبادرة في إطار اختصاصاتها وإمكانياتها الأكاديمية، التي تحظى بدعم ورعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس”، مطالبا بالتعاون “خدمة لتراثنا الأدبي والفني بما ينسجم مع خصوصياته يضمن فعاليته وأثره في مغرب اليوم”.
من جهته، اعتبر عباس الجيراري، رئيس لجنة الملحون بأكاديمية المملكة والعضو فيها، أن تنظيم هذا اليوم الدراسي حول فن الملحون “نهدف من ورائه إثارة القضايا المختلفة التي قد تخطر وقد لا تخطر ببال الجماهير التي تعشق هذا الفن”.
وأضاف الجيراري “قد نعجب ونطرب بفن الملحون لكن قد تبقى بعض الأسئلة عالقة في أذهان الناس”، مشددا على أن فن الملحون يحتاج ل”التوعية والتعريف بعدد من النماذج والقضايا التي تتصل به”.
وسجل الجيراري ،في كلمة بالمناسبة ، بأن فن الملحون كان في الأصل “شعرا، قبل أن يصبح فنا موسيقيا”، وزاد موضحا أنه “كان يقرأ في المساجد والزوايا وبدأ يلحن ويعزف وأصبح له جمهور”.
وعرف اليوم الدراسي مشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين والفنانين المعنيين بفن الملحون لغة وجمعا ونظم المعلومات وأداء، حيث سلطت الأضواء في جلسات علمية مختصة حول لغة هذا الفن وبناء قصيدة الملحون والأغراض والقضايا التي تعالجها، بالإضافة إلى أشكال أداء هذا اللون الفني.
ويعد فن الملحون من أنواع الموسيقى التي تعد من الخصوصيات الثقافية التي تميز المغرب عن باقي البلدان العربية الأخرى، إذ يشكل مكونا رئيسا من مكونات الذاكرة الفنية المغربية، حيث يشاع أنه ظهر لأول مرة في العهد الموحدي خلال القرن السابع الهجري، ونشأ في منطقتي “سجلماسة وتافيلالت” جنوب شرق البلاد، وتطور في مدن مراكش وفاس ومكناس وسلا.
ويتميز هذا اللون الفني بإيقاعات خاصة ومواويل أصيلة تتغنى بما يخالج الإنسان من مشاعر، إذ تشكل موضوعات الغزل والمدح والعشق والرثاء أهم التيمات التي ينظم فيها الملحون بالدرجة المغربية واللغة العربية الفصحى.