فؤاد سليمان
18-فبراير-2020 15:41
تتعدد مجالات الجمال في اللغة العربية كالشعر والخطاب والرواية والخط وغيرها، ويتمتع المتحدث بها بالقدرة على التعبير المباشر، أو غير المباشر أو التلميح، وزاد الله هذه اللغة تشريفًا أن أنزل كتابه العزيز بها، وهذا يفرض علينا أن ننفي المقولة الخاطئة التي تقول: إن اللغة العربية لغة القرآن؛ فاللغة العربية كانت موجودة قبل نزول القرآن الكريم، والقرآن نزل باللغة العربية، ونزوله باللغة العربية تشريفٌ لها، وزيادة لها في الجمال والإتقان؛ فحملت كتاب الله ووسعته. واللغة العربية تتجاوز الحدود التي ظنها بعض المتقوقعين واعتبرها لغة دينية تدور في فلك الدين وتشريعاته، بل إنها لغة علمية تمتلك من الخصائص والمميزات ما يجعلها من أفضل اللغات البشرية، وهذا ما يفسره اهتمام بعض الدول الغربية، مثل فرنسا باللغة العربية. فقد أنشأت مؤسسة متخصصة بالثقافة العربية تسمى معهد العالم العربي في باريس. وما حصرها بجانب محدد إلا من باب العجز عن إجادتها وتذوقها مردهُ الجهلُ، أو التعصب.
وإذا أَجريْنا مقارنة مع اللغة الانجليزية التي يعتبرها البعض لغة الحضارة والإنسانية فإننا لا نجد مقابلا للمؤنث إلا في (he/ she)، و في غير ذلك لا نجد المقابلة أو التساوي الذي نجده في اللغة العربية التي أعطت للمرأة هذا الاحترام، وهذه الكينونة الخاصة التي تميزها، وتتوافق مع الطبيعة والاختلاف البيولوجي والنوعي لها، مما يدفع بالضرورة إلى الانتباه عند المخاطبة أو الكتابة.
ورجوعا إلى العنوان السابق الذي أشرتُ فيه إلى أن اللغة العربية أكثر اللغات توافقًا لبيولوجية المخاطب في التعبير فإنني لم أُغال، أو أجامل، أو أبالغ في ذلك؛ فلو تناولنا ضمائر المخاطب المذكر والمؤنث لوجدنا التساوي والمقابلة المنصفة للجنسين، فالمخاطب المذكر المفرد نقول له: )أنتَ)، وفي المثنى نقول: ( أنتما) وفي الجمع نقول: (أنتم). وفي الغائب نقول: (هو، هما، هم). وفي المقابل نقول للمؤنث: (أنتِ، أنتما، أنتنَّ، هي، هما، هنَّ).
ومن مظاهر احترام اللغة العربية لبيولوجية الإنسان أنها تتعامل مع المفرد والمثنى والجمع كلٌّ بصيغة تخصه، وأسلوب مختلف. نقول: الطالب نشيط، والطالبة نشيطة والطالبان نشيطان، والطالبتان نشيطتان، والطلاب نشيطون، والطالبات نشيطات، في حين لا نجد في اللغة الانجليزية إلا المفرد والجمع: the student is active, the students are Active
فلا نعرف جنس المخاطب المقصود إلا إذا كان في الجملة ضمائر تعود عليه، على عكس اللغة العربية. كما أن الفعل في اللغة العربية يتغير حسب جنس الفاعل، نقول: جاء خالد، وجاءت فاطمة. أما في اللغة الانجليزية فلا يتغير الفعل سواء كان الفاعل مذكرا أم مؤنثا، نقول:
Ali comes, Fatima comes
كما أن اللغة العربية تنصف المخاطب في المسميات الوظيفية. نقول: مدير ومديرة، وزير ووزيرة، في حين أننا لا نجد هذا التوافق البيولوجي والنوعي للإنسان في اللغة الانجليزية التي تطلق لفظ teacher)) على المذكر والمؤنث.
فاللغة العربية تتيح للناطقين بها حرية التعبير عن كل ما يريده المتكلم، وما يتوافق مع طبيعة المخاطب البيولوجية والنوعية بشكل سلس ومريح؛ لغناها بالمفردات، وتنوع الأساليب، والحقيقة والمجاز، والكناية، وكأنها فطرية وُجدت مع الإنسان لتتوافق مع طبيعته الخَلقية والبيولوجية مما يجعلها تتربع على عرش اللغات فلا تفنى ولا تزول وإن تقدم بها الزمن أو طعن فيها الطاعنون.