وقال الفهري إن مسألة الدارجة لم تستفد من التراكمات الموجودة، خاصة أنها كانت هناك نقاشات قديمة ولها تاريخ، كما شارك فيه الكثيرون، ومشاركات حول التراث العامي والملحون بالحكايات؛ لكن المشكل الحالي هو إخراج معجم أو موسوعة، والتحول السياسي من خلال الانقلاب على اللغة العربية ومقارنتها باللغة الإغريقية.
وأبرز الباحث في علوم اللسانيات عددا من أوجه الاختلاف بين اللغة العربية وبين اللغة الإغريقية، خاصة أن الأخيرة ارتبطت بصراع سياسي وكان هناك من يريد الركوب على هذه اللغة من أجل إقامة الدول، وهذا ما وقع في اليونان؛ ولكن ما وقع في ثقافتنا لا يطرح هذا المشكل.
وتحدث الفاسي الفهري عن اللغة الفرنسية، موضحا أنه منذ ما يقارب عشرين سنة من الآن، تراجعت اللغة الفرنسية بعدة دول في أوروبا، كانت تستعمل فيها كلغة أجنبية، كما هو الحال بالنسبة إلى إسبانيا والبرتغال، ولكن في مقابل ذلك، تقوى دورها في المغرب من خلال الميثاق الوطني والخطة الإستراتيجية اللذين أقرا في حقل التربية والتكوين، متسائلا عن أسباب تقوية هذا الدور. كما أضاف أن الاتحاد الأوروبي يعيد النظر في عدد من الخطط، خاصة تلك المرتبطة بالتعدد اللغوي المطلق، وتراجع الدعم الموجه إلى سياسات التنوع بشكل كبير.
وتابع المتحدث ذاته التأكيد على أن اللغة الإنجليزية حافظت على مكانتها كلغة ثانية في عدد من الدول، وهذا التوجه مرتبط بالفرص التي تتيحها، في حين أن مجموعة من الفاعليات التي تنظم حتى في فرنسا تكون باللغة الإنجليزية، وتنظم مناظرات دولية لا يسمح خلالها بالحديث باللغة الفرنسية.
“حينما نقرن اللغة الفرنسية بالفرص فهنا يقع المشكل”، يقول الفهري، الذي شدد على أنه كان على المغرب أن يترك الباب مفتوحا كما قال بذلك الميثاق، ويكون بذلك هذا الاختيار أكثر ذكاء من أن يتم تحديد اللغة، خاصة عندما يكون الحديث عن خطة إستراتيجية لسنة 2030، “ونورط المغاربة في اختيارات غير صالحة خلال السنوات المقبلة”، على حد تعبيره.
واعتبر المتحدث ذاته أن المشكل يتعلق بعدم العودة إلى الخبرة كما لا يعتمد على “البينشمارك” والبحث عن النماذج الدولية المقارنة التي طبقت هذه الخطط، واستشهد بمشاركته في أحد المؤتمرات الدولية للسانيات في مدينة نابولي الإيطالية، حيث كانت الجميع يتحدث باللغة الإنجليزية “وحينما سألت المشاركين لماذا لا يتكلمون بالإيطالية، حاروا في الجواب”، مضيفا أن التعدد يقتضي تنويع اللغات الأجنبية.
وفيما يرى أن مشكلة العربية في المغرب هي قضية تدبير سياسي، حمّل ضيف مركز هسبريس للدراسات والإعلام مسؤولية ما آلت إليه هذه اللغة إلى الدولة، مستشهدا في ذلك بقانون صادر حول العربية في يوليوز 2003، وبعد مدة طويلة من إخراجه، لم يطبق؛ وهو ما ألحق ضرارا بها ومتعلميها ومن يريد تنمية فرصه فيها، كما دعا إلى حمايتها وتطوير استعمالها.