في إطار سلسلة “صالون العربية” نظم الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية النسخة الخامسة التي استضافت الأستاذ الدكتور مولاي أحمد العلوي، رئيس اتحاد اللسانيين المغاربة في موضوع: تاريخ العربية: الحقائق والأوهام يوم الجمعة 16 يوليوز 2020، في الساعة السادسة 18.00 مساء (الخامسة بتوقيت غرينتش)على صفحة الائتلاف على الفايسبوك.، وسيرتها الدكتور فاطمة حسيني المشرفة على صالون العربية.
بدأ مولاي أحمد العلوي محاضرته بالإشارة إلى وهم تاريخي يساوي اللغة العربية بغيرها ؛ كونها لغة شعب بها يتنافس مع غيره . بل هي لغة القرآن الكريم ، ولذلك فالسؤال عن تاريخ اللغة يبدأ بالسؤال عن تاريخ عاميتها . ومما يستدل به على وجود العرب في شمال إفريقيا قبل الإسلام دليلان ؛ واحد لغوي وآخر تاريخي قبلي ، وهو ما أصل لعامية عربية مغربية . وجود يؤسس لتعددية لغوية اجتماعية بالمغرب ككل الدول ؛ مما حاول الدستور الحالي جعله تعددية قانونية؛ وهو ما يخشى العلوي مآلاته على الوحدة الجامعة للمغاربة؛ حيث اللغة العربية الفصحى لغة القرآن أحد ضماناتها الأساس . والمعطيات التاريخية تدل على أصالة العامية العربية في المغرب ما قبل عقبة بن نافع والفتح العربي ، كما أن التأويل اللغوي لمختلف النقوش الفينيقية يدل على أنها مكتوبة بعربية دارجة قريبة من عربية شمال إفريقيا . وتعلق المغاربة بالعربية الفصحى بعض من أخلاق سائر الأمم ؛ وأثر من تعظيمهم للقرآن الكريم ؛ فتعظيمها من تعظيمه ، وكذلك شأن كل قوم يتركون لغاتهم القومية من أجل لغة كتابهم يتساوى في ذلك المسلمون واليهود وغيرهم . وما ذلك إلا ترجمة لاعتقادهم في الوضع الأتطولوجي للقرآن الكريم ؛ إيمانا به وتصديقا له ؛ ويكون غير المعظم للغة العربية غير معتقد بذلك الوضع الوجودي المعتبر للقرآن .
وقد شارك في مناقشة محاضرة الأستاذ العلوي الدكتور عبد الرحيم بودلال أستاذ اللسانيات واللغويات بجامعة وجدة والدكتور عبد المجيد طلحة الأستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية من جامعة مولاي إسماعيل بمكناس. ففي تعقيب الدكتور عبد الرحيم بودلال ركز على قيمة الأدلة المنطقية والتأويل اللغوي للنصوص التي اعتمدتها مقاربة مولاي أحمد العلوي في بيان تاريخ العربية بشمال إفريقيا .؛ محذرا من آثار عدم التمييز بين لغة القرآن الكريم ولغة العاميات ؛ ومن نتائج التفسير العرقي للغات ؛ ثم مما سماه ب ” النزعة الإمامية ” في اللغويات . فتكون العربية بناء على رأي الأستاذ بودلال هي التي نتوحد بها ونجتمع عليها ؛ وليست لغة عرق أو شعب ؛ فنتمسك بهذه التعددية الاجتماعية ؛ التي تبني المشترك ؛ بعيدا عن أغاليط سكنت كثيرا من المقاربات لقضايا اللغة والتعريب والتعدد اللغوي والثقافي .
أما الدكتور عبد المجيد طلحة فأشار إلى ما تخبر به محاضرة العلوي من رسائل : الأولى تتوجه للنخبة السياسية والعلمية والثقافية ؛ حيث وجوب الانتباه إلى محاذير الاحتفاء غير المقدر بالتعددية اللغوية القانونية ؛ في مثل ما تحيل عليه نصوص الدستور . والثانية لمؤسسات الوساطة الثقافية والمدنية ؛ حيث وجوب الارتكان إلى الأقوال العلمية الرصينة في تعرف تاريخ اللغات ؛ ومنه تاريخ العربية بالمغرب ، تبديدا لأوهام سادت ؛ وتبينا لحقائق تنطق بمحلية العربية ووجودها الممتد في شمال إفريقيا . والثالثة لمؤسسات صناعة النخب ؛ ومنها الجامعة ببنياتها البحثية والتكوينية ؛ حيث وجوب إعادة ترتيب أولويات البحث العلمي في قضايا اللغة والتعددية اللغوية والتخطيط اللغوي على هدي من أصول نظر ، ونتائج بحث ، ومناهج تحليل ، قام الدليل على وجاهتها وصحة تأويلها ومنطقية استدلالها .
كما تقدم لمناقشة أطروحة العديد من الأساتذة المتابعين والمشاركين عبر صفحة الائتلاف، فعلق مولاي أحمد العلوي بما يعمق أطروحته من خلال قراءة تحليلية لأخبار وآثار ؛ وتأويل نصوص قرآنية وحديثية ؛ تؤكد محلية العربية وامتداد وجودها التاريخي في المغرب ؛ وتميز العربية الفصحى بالانتساب القرآني ؛ وهو ما يضع الناظر في القضية اللغوية أمام إرغام مستلزم الاعتقاد ، فالمعتقد في المصدر الإلهي للقرآن الكريم يلتزم مسار استدلال يترجم ذلك الاعتقاد . وغيره يقع في آثار مستلزم القول بتاريخية القرآن الكريم ؛ وما يستتبعه ذلك من عدم تعظيم له وللغته العربية الفصحى .