أكد وزير الثقافة، محمد الأمين الصبيحي، الجمعة بالرباط، أن النهوض بالورش اللغوي الوطني يعد من بين أبرز المشاريع المهيكلة التي حققها المغرب في ظل دستور 2011، وذلك بهدف إرساء تخطيط لغوي رشيد يقوم على تنسيق السياسات اللغوية بالمغرب.
وأوضح الوزير في كلمة بمناسبة تنظيم الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية لمؤتمره الوطني الرابع للغة العربية تحت شعار “اللغة العربية والإعلام : الواقع والرهانات” أن مسارات التداول والنقاش العمومي بمعية شركاء حكوميين، التي انخرط فيها المغرب منذ عدة سنين، توجت باصدار القانون التنظيمي المحدث للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية إلى جانب إصدار القانون التنظيمي لترسيم اللغة الأمازيغية وإدماجها في التعليم والحياة العامة، طبقا لتوجيهات جلالة الملك.
واعتبر الوزير أن المقتضيات الدستورية تنص على وجوب حماية اللغتين الرسميتين للبلاد وصيانة الحسانية، وأن حماية وتنمية مختلف التعابير الثقافية تشكل اليوم رهانات جديدة حول منهجية تشكيل هياكل تشرف على ذلك، من قبيل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، لافتا إلى أن مثل هذه اللقاءات تعد فرصة سانحة للتداول بشأن القضايا المتصلة بواقع اللغة العربية وسبل تطويرها.
من جانبه، أبرز رئيس الائتلاف، فؤاد بوعلي، أن اللغة العربية هي أكبر من مجرد أداة تواصل، بل هي عنوان وجود الوطن وهوية، ومن ثمة فان الدفاع عن لغة الضاد وحمايتها من “التهميش والتحقير” هو دفاع عن الوطن والذاكرة المجتمعية، وهي “ليست قضية تيار أو فصيل بل قضية أمة بكل تلاوينها”.
لأجل ذلك، دعا رئيس الائتلاف إلى إلى التفكير في وضع ميثاق وطني حول اللغة العربية والهوية، بعيدا عن “صراعات السياسة وتجاذبات الإيديولوجيا”.
أما رئيس الحكومة المعين ، عبد الإله ابن كيران، فقد اعتبر في كلمة مقتضبة أن كل المحاولات التي تستهدف اللغة العربية “سوف لن تفضي إلى شيء” على اعتبار أن هذه اللغة هي لغة الهوية والدين.
وشدد على أن من يريد طمس اللغة العربية يسعى في الأصل إلى “قطع أوصال الأمة”، مذكرا بأن البعض حاول أيضا دون جدوى خلق فجوة مغرضة بين اللغة العربية ونظيرتها الأمازيغية.
وأكد المدير العام لمنظمة الإيسيسكو، عبد العزيز بن عثمان التويجري، أن الإعلام يبخس في كثير من الأحيان اللغة العربية حقها، لافتا إلى أن الاهتمام بجودة اللغة ووظائفها في الإعلام يبقى من الشروط الهامة لتطوير الحقل اللغوي.
واعتبر أن النهوض باللغة العربية لاينبغي مقاربته على أنه شأن ثقافي أو لساني، بل من منطلق أنه “قضية سيادية”، على اعتبار أن حماية اللغة هي حماية للكيان الوطني.
وشدد باقي المتدخلين في هذه الجلسة الافتتاحية على أن واقع اللغة العربية في الإعلام أصبح لا يبعث على الارتياح، خاصة في ضوء انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تستعمل هذه اللغة دون احترام ضوابطها و قواعدها تقريبا.
كما شدد هؤلاء المتدخلون على أنه لا يمكن للغة العربية ، كأي كائن حي، أن تتطور في ظل الجمود والتشظي، مشيرين بهذا الخصوص إلى أن للإعلام دور محوري في النهوض باللغة العربية حالا ومآلا، مما يحيل، برأيهم، على أهمية الارتقاء بالقوانين المنظمة للمشهد الإعلامي وضبط العلاقة بين الإعلامي واللغوي.
الجدير بالذكر، أن أشغال هذا المؤتمر الذي ينظم على مدى يومين ، ستتواصل بمقاربة هذا الموضوع من خلال ثلاث محاور هي على التوالي : “قضايا اللغة العربية في الإعلام” و “اللغة العربية في الإعلام الإلكتروني” و “قضايا اللغة العربية في الاعلام السمعي البصري”.