الأكاديمي يحيى بن الوليد بمركز عناية : لغة المثقف لا تشبه اللغات

خــــــــــــــاص :

توجت أمس الأيام الفلسفية الأولى بمراكش التي نظمها مركز عناية بشراكة مع المجلس الجماعي لمراكش ومؤسسة ابن عباد التأهيلية بتكريم الأكاديمي الناقد يحيى بن الوليد، بعد مداخلات قام بإدارتها وتسيير قواطعها الباحث حسن أوزال، تقاطعت فيها الشهادة في حق المحتفى به كما وقع مع سرديات الباحث والناقد ادريس كثير، في تجسيد فانتاستيكي باذخ لعلاقة امتدت في الزمن وتقاربت في أفق سيرورتها وامتزاجها بالمحبة الأدبية ولقاءات الفكر والفلسفة. الباحث ادريس كثير فكك مسار يحيى بن الوليد كما لو أنه ينسج خيوطا من عنكبوت، يثير بين سجاياه لوعات الماضي ومصائر النوسطالجيا. لكن بإزاء هذه الخيوط الرميمة يكبد بطل الحكايات الشاطر يحيى مدارات التوحد والقدرة العظيمة على خلق السؤال ونقل الحياة.

قال الناقد والأكاديمي المغربي يحيى بن الوليد ” إنه يرابط على مقربة عميقة من قراءة التاريخ، وهو سعيد جدا باكتشافاته الإبداعية في حقول ينتمي إلى حدودها العقلية والتاريخية” معولا  ” على السيرورة الإيجابية، محاورا ذلك العقل المصغي لبناء النظريات انطلاقا من قناعات ومعارف وتأسيسات عقلانية حرة ومحاربة” وأضاف يحيى خلال فعاليات تكريمه من قبل مركز عناية :” إن الثقافة الخالصة هي البهاء اللانهائي الذي يوقظ في الحواس الشعور بالانتماء لوجود عادل وأمين، نخوض فيه معارك الصمود وغوايات التحرر من قيود الصمت واللامعنى” وعبر بن الوليد عن اعترافه بوجود عوائق لفهم الثقافة ومآلاتها، حدودها وتحققها على أرض الحياة” داعيا إلى ” جعل الفعل الثقافي رسالة وحياة، قدرة على الحوار ومراكمة الانتصارات”

المفكر الكاتب عزيز بومسهولي خاط بدهاء مخاتل بعض معالم الاختيار والتجاسر في كتاب يحيى بن الوليد الغاضب ” أنماط المثقفين العرب وأدوارهم وتشظياتهم” متحققا بين بسط علاقة الفهوم الشائكة بالثقافة وأدوارها ومسوغات تمثلاتها، في ظل غياب رسل أصفياء منخرطون في إشاعتها، منشغلون بتقريبها للقراء والمنصتين والحالمين بيوتوبياها، وقيمها الاستيتيكية الواعية بالوجود والكينونة.

البومسهولي عرى الجوانب الكامنة خلف النفوق المدوي لسقوط المثقف العربي عند بن الوليد، مشاغبا عديد قضايا تهم ثقافة النوع أو الجندر والثقافة الشعبية والمعمار والاستعمار وما بعد الاستعمار، كما تغايرات المثقفين، فرحهم وغضبهم، انسدالهم تحت غصب الواقع، وتدربهم على أزمات العيش وتوهماته.

المداخلة الأخيرة التي أمضاها الباحث والإعلامي عبدالصمد الكباص بإيقاع التوهج والإصغاء الشفيف لروح كتاب يحيى بن الوليد “التراث .. الفكر والقيمة : عن محمد عابد الجابري ونقاده”قارب من خلالها معظم معالم المتن واتساقه مبنى ومعنى . وهكذا أفرد جانبا فلسفيا هاما لما أسماه بن الوليد “مركزية التراث في الثقافة العربية المعاصرة”  تداول فيه نظرية الحث والاستقصاءفي معالم قراءة التراث في المشروع الفكري لمحمد عابد الجابري. في حين انتصر الكباص لمشروع المؤلف في اقترابه من ثنائية الدين والنقد الأدبي التي صيغت تحت مجهرية المفكر الجابري بوعي عالم وارتكان لبراديجم البناء القولي اللاهوتي، مع تشخيصه العالي لتيمة الغياب في جمهورية الجابري الابستمولوجية. مختتما ـ أي الكباص ـ قراءته القيمة بجدارة الباحث يحيى بن الوليد في تقريض جدلية نقد النقد وتعليلها بمشكلات التأويل وفلسفة الاختلاف واقتدارية إفراز إبستمولوجية تشييدية مضادة قادرة على التفاعل والانفعال.

الندوة التي حضرها ثلة من مثقفي المدينة الحمراء وإعلامييها ونخبة من طلبة الجامعة فتحت أبواب النقاش واسعا، ليحتدم النقاش في الماهيات الفلسفية وجسور الامتداد فيها وبها.

وقد قام رئيس مركز عناية في ختام اللقاء بتكريم ضيف الأيام الفلسفية الأولى بمراكش الأستاذ يحيى بن الوليد ضاربين موعدا جديدا مع دورة أخرى من أيام الفلسفة العام المقبل.

التعليقات (0)
إضافة تعليق