فى تظاهرة فكرية وثقافية تجاوزت مجرد كونها حدثا سنوياً، لتصبح تتويجاً لمسيرة الثقافة الإماراتية والعربية، ورسالةً إلى العالم، تخاطبه بلغة العقل والفكر والفن والجمال ـ استطاع معرض الشارقة الدولى للكتاب فى دورته الـ37 على مدى 11 يوماً، تحت شعار «قصة حروف»، أن يجمع تحت مظلته أكثر من 1874 دار نشر من 77 دولة عرضت 1٫6 مليون عنوان، إلى جانب أكثر من 1800 فعالية ثقافية وفنية وترفيهية قدمها 472 ضيفاً من مختلف دول العالم…كما احتفت باليابان ضيف شرف هذا العام، وبالدكتور عز الدين ميهوبى وزير ثقافة الجزائر شخصية العام الثقافية تقديرا لما يقدمه من عطاء وما يبذله من جهود حثيثة داعمة للشأن الثقافى العربي، والذى أعرب عن سعادته بهذا التكريم، وقال إنها مفاجأة سعيدة غير متوقعة له، وان هذا التشريف يعده وساماً على صدر الثقافة الجزائرية.
وتقديراً لجهود الشارقة الثقافية والمعرفية على المستوى العربى والعالمى منحت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) للإمارة لقب «الشارقة عاصمة عالمية
للكتاب 2019»، ويعكس الشعار الذى تجسد فى رسالة «افتح كتاباً تفتح أذهاناً» مفهوم القراءة والمعرفة وأثرها على المسيرة الإنسانية وتطور حضارتها.
وبذلك تعد الشارقة المدينة الأولى خليجياً، والثالثة عربياً، والتاسعة عشرة على مستوى العالم التى تحصل على اللقب «العاصمة العالمية للكتاب».. وبهذا التكريم تضيف الشارقة إلى سجلها الحافل بالإنجازات لقباً جديداً، إذ نالت لقب عاصمة الثقافة العربية لعام 1998، وعاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2014، وعاصمة للسياحة العربية عام 2015.
وتنطلق الاحتفالات بسنة الشارقة عاصمة عالمية للكتاب فى 23 أبريل 2019 إلى 22 أبريل 2020، وتشتمل على سلسلة فعاليات ثقافية، وإطلاق مشاريع ومبادرات، لتحقيق سلسلة أهداف، أبرزها: تطوير ودعم صناعة النشر فى دولة الإمارات والوطن العربي، وتسهيل وصول الكتاب إلى جميع فئات المجتمع، وتعزيز ثقافة القراءة لتصبح أسلوب حياة.. وفى السطور القادمة نتجول بين أجنحة المعرض ونلقى الضوء على بعض الفعاليات التى حفل بها من ورش وندوات وأحدث الإصدارات.
► الشيخ القاسمى: اللغة العربية تحتاج عدة خطوات لاستعادة مكانتها
أكد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مواصلة جهود الشارقة للارتقاء باللغة العربية وحفظ مكانتها العالمية عبر الاهتمام بإنشاء عدد من المشروعات المهمة على مستوى الوطن العربى مثل المجامع اللغوية والقاموس التاريخى للغة العربية، إلى جانب أهمية تفعيل أدوات ووسائل التواصل والتعاون فى المجالات الثقافية.
جاء ذلك خلال مداخلته فى الجلسة الحوارية حول «تاريخ وحاضر ومستقبل اللغة العربية» بحضور د. إيناس عبد الدائم وزير الثقافة ود. مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية بمشاركة د.عزالدين ميهوبى وزير الثقافة الجزائري، وأدارها د. محمد صابر عرب وزير الثقافة المصرى الأسبق.
وأشار سلطان إلى عدة خطوات على مستوى الوطن العربى تحتاجها اللغة العربية لاستعادة مكانتها عبر برامج مدروسة قائلاً: بجانب مشروع القاموس اللغوى سيتم العمل خلال المرحلة المقبلة على تفعيل الاتصال بوزارات الثقافة، ووزارات التربية والتعليم فى كل دولنا العربية، والوقوف بجانب برامجهم لبذل مزيد من الجهود للارتقاء باللغة العربية من خلال المناهج التعليمية فى المدارس والجامعات، وكذلك من خلال صناع الثقافة، والتى تعقبها خطوة ثالثة تتمثل فى السعى إلى المحافظة على اللغة العربية فى أدوات الاتصال الجماهيرى سواء إذاعة أو صحافة أو تليفزيونا، وتصحيح المفاهيم التى تصل إلى الناس عبرها بشكل مباشر.
وطالب بضرورة زيادة الجهود لحماية اللغة العربية، مؤكداً أن التحرك الثقافى هو الأهم.
وافتتح الجلسة الحوارية د. محمد صابر عرب مشيدا بمشروع الشارقة الثقافي، لافتاً إلى أن هذا المشروع بات محط أنظار واهتمام كل المؤسسات الثقافية على نطاق العالم العربى.
وقال: فى كثير من الأحيان يتم طرح العديد من التساؤلات عن مستقبل اللغة والثقافة العربية، ونحن نشعر حيال هذه الأسئلة بالخوف على هويتنا، خصوصاً مع الجيل الجديد الذى نشعر معه بأن هناك لغة بدأت تنساب لتكون بديلة عن لغتنا العربية التى تعلمنا بها، وكتب بها شعراؤنا القصيدة العربية والتراث العربي، كما نشعر جراء هذا الواقع بأن لغتنا بحاجة ماسة إلى رعاية وعناية.
من جانبه استعرض د. ميهوبى تاريخ وحاضر ومستقبل اللغة العربية قائلا: إن تطوّر اللغة يرتبط بشكل أساسى بالمنتج الفكرى والمعرفي، وإذا ما أردنا للغتنا العربية الازدهار والنمو لابد من العمل على تطوير هذا النتاج، كما نشاهده اليوم فى حالة اللغة الصينية التى تتطور بشكل كبير ومتسارع.
وأكد وزير الثقافة الجزائرى أن الأمن اللغوى يعتبر جزءًا من الأمن الثقافى الذى دائماً ما يشكّل هاجساً للقوميات، مشيراً إلى أن العالم يعيش غلياناً فى مسألة اللغة، مما جعل البعض يتنبأ بأننا سنشهد فى عام 2100 عالماً بلا لغة.
وأضاف ميهوبي: يكاد يجمع علماء اللسانيات على أنه يوجد فى الوقت الحاضر ما بين 5000 و6000 لغة، وأن ما بين 250 و300 لغة تنقرض سنوياً بفعل سرعة التواصل والميل إلى استعمال اللغات العالمية الأكثر فاعلية، وهذا ما يسميه بعضهم الغزو الثقافى أو اللّغوي، وبعملية حسابية بسيطة، يتبيّن لنا أن القرن الحادى والعشرين سيشهد اندثار نحو ثلاثة آلاف لغة، أى نصف لغات العالم.
الأهرام