الوسائل التكنولوجية وأثرها على اللغة العربية

1٬400

أحمد درويش مؤذن – كاتب وباحث

المفهوم العام للتعليم باستخدام الوسائل التكنولوجية: هو نوع من التعليم حيث يستخدم الوسائل التكنولوجية الحديثة من حاسوب وانترنت و أشرطة مبرمجة ومدمجة وغير ذلك، أي كل وسائل العالم الإلكترونية المتوفرة لتقديم درس أكثر مرونة للطلبة.
أعتقد أن مفهوم التعليم الإلكتروني اليوم بمفهومه الخاص يعني استخدام الوسائل المتطورة من برامج وآليات بحث وشبكات وصوت وصورة في خدمة الدرس والمعلم والطلاب في آن معاً. والجدير بالذكر أنه مما سبق ذكره فإن الكلَّ يتفق على أنه عند استخدام الوسائل والتقنيات في التعليم نكون أمام ما يسمى بالتعليم التقني أو الإلكتروني المقصود به جعل التعليم أكثر متعة وتشويقاً.
 تعالوا أروي لكم قصة ذلك الشاب الذي كان مغرماً بالهواتف الذكية لكنه لم يستطع شراء هاتف بسبب ضيق الحياة وعدم وجود عمل ثابت، وفي يوم من الأيام وجد عملاً في إحدى الشركات العملاقة، واستطاع بعد شهرين من العمل أن يشتري هاتفاً ذكياً يحتوي على كاميرا ونظام تشغيل (أندرويد)، فعمَّت الفرحة قلبه وانقضَّ يُصور الناس يمنة ويسرة غير مبال بأحد، تراه في الشركة يصور ما يدور حوله من أحداث وكأنه في (هوليود) وينشرها على الفيس بوك.

وبعد فترة تم طرده من الشركة ولم يعلم ما هو السبب، لكن بعد البحث وجد أن الشركة قد رفعت عليه دعوة في المحكمة بسبب تسريبه لبعض الأعمال الخاصة بالشركة، فأصابه نوع من الإحباط والشعور بالفشل، فقام بحذف (الفيس بوك) من جهازه وقرر عدم العودة إليه، ثم بدأ الملل يحيط به فأخبره أحد أصدقائه بوجود برنامج اسمه (وتس أب) يخفف عنه بعض ما نزل به.
فقام بتنزيله على الهاتف، ثم وجد بعد ذلك عملاً يُلملم به نفسه ويقضي جُلَّ وقته على ذلك البرنامج (وتس أب) لكنه مرة كان يمشي وقد أغرق نفسه في القراءة على ذلك البرنامج فارتطم بالحائط وأصابه شق في رأسه أوداه صريع الفراش لفترة طويلة، ثم عاد صحيحاً وقرر العودة لبرنامج (فيس بوك) لكن الحظ لم يحالفه هذه المرة فقد أوقع نفسه في السجن بسبب تصريحاته القوية ضد الدولة على (الفيس بوك) وهو الآن يعيش في زنزانته وحيداً بدون هاتف.
لعل لهذه القصة صلة وثيقة بالموضوع الذي أتحدث عنه اليوم، فلكل شيء في هذه الحياة فوائد وأضرار، والعاقل من عرف كيف يستخدمها ويسخرها في خدمة الآخرين، تعالوا نتعرف على أثر الوسائل التكنولوجية في تعليم اللغة العربية، لقد حرصنا دائما عند تعليم اللغة العربية في كلية الإلهيات لقسم اللغة العربية في الجامعة التي أدرس فيها على مواكبة مسايرة التطور التقني والتكنولوجي العالمي، من أجهزة ذكية وحاسوب وبيئة نموذجية وسبورة ذكية ووسائل تقنية وغيرها العديد.
وانسجمنا في تبني تدريس مقرر اللغة العربية للطلبة من خلال البرنامج التابع لمركز اللسان الأم، لكن رؤيتي المستقبلية للدمج ما بين التعليم التقليدي بأشكاله المختلفة والتعليم الإلكتروني، جعلني أدرك حقيقة أثر تلك الوسائل -سواء السلبية منها أو الإيجابية- على اللغة العربية ذاتها. لعلني أذكر بعضاً من السلبيات والإيجابيات بناء على الرؤية التي وجدتها من خلال تدريس اللغة العربية لسنوات في مرحلة الليسانس القسم التحضيري:

– عرض المحاضرة بشكل (الباوربوينت) عرض شرائح.
2- التعلم من خلال الهاتف: استخدم بعض الطلبة للهواتف الذكية من أجل الترجمة الفورية.
3- تقنيات الفيديو والعرض المصور.
4- التواصل مع الطلبة عن طريق البريد ومواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الهاتف.
5- مشاهدة ملفات الصوت والصورة كما في (فيس بوك ويوتيوب) والاستماع إلى الرسائل الصوتية كما في (واتس أب).
6- إجراء مكالمات صوتية مباشرة عبر خدمات (واتس أب واسكايب وفيبر) وغيرها.
7- مزج المتعة في التعليم عند استخدام السبورة الذكية والألواح الذكية.
8- تنمية مهارة القراءة لدى الطلاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال قراءة المنشورات والرسائل المكتوبة في (الفيس بوك وتويتر) مثلاً.
9- تنمية مهارة الكتابة لدى الطلاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال كتابة المنشورات والرسائل في (الفيس بوك وتويتر) مثلاً.
10- من أهم مزايا مواقع التواصل الاجتماعي: تمكين الطلاب من محاكاة حوارات وكتابات الناطقين بالعربية، وسهولة التواصل مع المعلمين والطلاب، وسهولة الوصول إلى المعلومة وإمكانية مشاركتها بين الأساتذة وطلابهم وتصحيحها من قبل المدرس، وتعزيز أنماط التعليم التشاركي من خلال المجموعات التعليمية، وإمكانية البث المباشر، وإمكانية تقديم دورات تعليمية عن بعد للطلاب في خارج أوقات الدوام، وهي أيضاً تفتح الباب أمام الطلاب للتعلم المستمر للغة العربية من خلال تكوين صداقات مع الناطقين بالعربية.

أما السلبيات فهي:
1- إذا ما كانت المادة العلمية المعروضة من خلال الفيديو خالية من المؤثرات السمعية والبصرية التي تجذب المتعلم فإنها لن تجدي نفعاً في تعليم العربية.
2- ضياع الوقت وتشتيت الانتباه والتعرض للإعلانات التجارية بكثافة.
3- ضرورة إلمام الأستاذ باستخدام تقنيات العرض الإلكتروني وإلا فلن ينجح الدرس.
4- فقدان السيطرة على إدارة الصف حيث تعم الفوضى عندما يقوم الطلبة بتشغيل هواتفهم الذكية ويبتعدون على الهدف المنشود وهو تعلم العربية.
5- إدمان مواقع التواصل الاجتماعي بحجة التعلم، وضعف التحكم التام بالمواد المنشورة التي قد تحتوي مشاهد أو معلومات خاطئة أو غير ملائمة.
6- احتمالية التعرض للتجسس أو سرقة البيانات الشخصية واحتمالية التعرض للبرمجيات الخبيثة والفيروسات الضارة وانتشار السرقات.

– وجود القابلية للتعليم الإلكتروني من قبل الطلاب لكن المدرس يبتعد عنها لتجنب الوقوع في السلبيات أو عدم وثوقه بها.
8- انتشار العامية في بعض هذه الوسائل وعدم التحدث بالفصحى.
9- التعرض لمشكلات صحية نتيجة طول الجلوس أمام الشاشات لفترات طويلة والتعرض لشحنات كهربائية.
إذن فمن خلال هذه الموازنة ما بين الإيجابيات والسلبيات أجد أن العربية بحاجة إلى هذه التقنيات وهي في أمس الحاجة إليها، لكن لابد من أخذ التدابير اللازمة للوقاية من العواقب والسلبيات التي قد تأتي أحياناً من ضعف المستخدم أو من عدم معرفته بتلك التقنيات.
موجة تستقطب العربية وغيرها من العلوم، وتجعل من العالم قرية صغيرة لابد من العيش فيها رغم ضيق التنفس وقلة الزاد وسيطرة القوى المنتجة لتلك التقنيات، وسائل ما ظهر منها قليل وما خفي منها عظيم، ثورة تكنولوجية قد تحدق بالخطر عربيتنا وقد ترفعها لأعظم أمجادها وذروة سنامها.

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

تعليقات