ائتلاف اللغة العربية بمراكش يفتتح فعالياته بالمركز الجامعي قلعة السراغنة

1٬013

نظمت تنسيقية مراكش للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية أمس السبت بشراكة مع المركز الجامعي المتعدد التخصصات بقلعة السراغنة لقاء ثقافيا مفتوحا مع الكاتب والباحث المترجم سعيد عاهد، وقراءات في كتابه :” الجريمة والعقاب في مغرب القرن السادس عشر” بمشاركة الأساتذة جمال أماش ومصطفى غلمان وعبدالصمد الكباص.

في بداية اللقاء ألقى الدكتور محمد الغالي مدير المركز الجامعي كلمة ترحيبية، أجاد من خلالها التعبير عن فرحه الكبير باستقبال أحد أهم الأصوات الشعرية المغربية ورمز من رموز الحداثة الأستاذ سعيد عاهد، مضيفا أن المناسبة اليوم تحمل أكثر من دلالة، كون الثقافة بمختلف تلاوينها واتجاهاتها تساهم في تحفيز الجامعة وأنشطتها المتاخمة للعقل والبناء العلمي في توطين المعرفة وتوسيع روافدها، معتبرا شراكة المركز الجامعي مع فعاليات الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية انتصارا للذات الجمعي القارئة وتحقيقا لمناطات التحصيل المعرفي والتأصيل الوجداني.

وفي كلمة تقديمية للشاعر والإعلامي الدكتورمصطفى غلمان رئيس تنسيقية مراكش أكد على أهمية العمل التشاركي وفعاليته وقوة تأثيره، كون الجامعة إحدى أهم مرتكزات تنمية العقلانية المغربية.

وقال غلمان في كلمة بمناسبة استضافة الكاتب سعيد عاهد:” دائما ما يثير السوسيولوجيا حرصها المتجدد لمساءلة قضايا المنهج في الدرس التاريخي. وما يميز هذه المساءلة تفكيك أو إعادة صناعة الكتابة التاريخية، بما هي معرفة أو إنتاج وتجديد خطاب. وبين السؤال المنهجي والتراكم الكتابي الأسطوغرافي هناك غطاءات في التاريخ الجديد كمفهوم متحرك وداعم لحقل الأنثروبولوجيا ، بمستوياته المعالجة لقضايا وإشكالات الاستيعاب والتجاوز والتفكيك والاستنبات والتصنيف والتركيب والتحقيب والتوثيق”. وأضاف الباحث مصطفى غلمان :” إن نظريات فلسفة التاريخ ألهمت العديد من مؤرخي الكتابات التاريخية والاجتماعية والأدبية وسوسيولوجيا التاريخ، معادن بديلة عن البيوغرافيا والسرديات التقليدية، بالتعويض النابش  في منطقية الحدث وتشاكل التاريخ السياسي. وهو ما جعل مآزق التاريخانية ونفاذ تكريس البيوغرافيا كسلطة رمزية يبلور شكلا جديدا في خطاب القراءة التاريخية وفي مفهوم تحليل الحدث وبناء القدرة على متاخمة المعنى الكلي للزمن ومساءلة البناء التاريخي والرؤية التاريخية كمقاربة استيهامية غير مجزأة.

وقال غلمان :” في هذا السياق يأتي كتاب الجريمة والعقاب في مغرب القرن السادس عشر لفرناندو رودريغيث مديانو التي عربها الكاتب والشاعر سعيد عاهد. هذه الدراسة الحفرية الباذخة تجيب على جملة من الأسئلة الحارقة، من بينها الأحكام الصادرة باسم السلاطين السعديين، وكيف يتم تحريك مساطر المتابعات القضائية ومحددات وطرق العقاب الخاصة بالجرائم والجنح التي كان يعاقب عليها القانون وأحكام القتل وتنفيذ العقوبات وما يتصل بها في حالة الإعدام والاستثناءات الخاصة بتنفيذ العقوبات والوقوف على جملة من المفاهيم والاصطلاحات في “القصاص” و”الدية” و” التشهير” ..إلخ.

ويضيف غلمان:” الأجمل في هذا الكتاب تسليطه الأضواء على مرحلة انتقالية بليغة من تاريخ المغرب الوسيط، الذي اكتنفته نتوءات تاريخية مهلهلة قليلة الرصد وخفية الأبعاد. وهي مرحلة يقول غلمان، خرجت بالمغرب إلى متاهة الاحتلال وأبرمت كبوات حالت دون نهضته العمرانية والإنسانية. كما أن الكتاب يؤرخ لتمثل قوة ونفوذ ما يسمى ب”العنف المشروع” ومناطات العدالة كما هو مختزل لدى مخزن القرن السادس عشر بالمغرب.

وفي قراءة عميقة ومؤثرة للشاعر الباحث أستاذ التاريخ جمال أماش قال:” اشتغل الكاتب والشاعر سعيد عاهد على نص “العدالة، الجريمة والعقاب في مغرب القرن السادس عشر” ويرجع اهتمام الكاتب بسؤال العدالة، إلى اهتمامه بالبحث في إحدى القضايا التي تحكم علاقة الحاكم بالمحكوم، وبمؤسسات الدولة و ببناها الفكرية والثقافية، أو ما يتعلق بالتاريخ الاجتماعي بالمغرب في سياق قضية محددة ،تعنى بالجريمة والعقاب، والتعرف عليها من خلال نماذج دالة، وعلى رأسها قضية العلماء في المغرب وعلاقتهم بالسلطة السياسية؛ وبالتالي محاولة إبراز عنف الدولة من خلال الأحكام القضائية في العهد السعدي، وممارساتها العقابية الظاهرة والمستترة، ورمزيتها في استتباب الأمن والنظام داخل المجتمع المغربي في القرن16. .

وأضاف الأستاذ أماش :”القراءة التي قام بها الأستاذ سعيد عاهد ، لنص “العدالة، الجريمة والعقاب في مغرب القرن16”

للباحث الإسباني فرناندو رودريغيث مديانو ، لها علاقة مباشرة، بشغف عاهد بالتاريخ من خلال النصوص التي ترجمها(الفتان ،الروكي بوحمارة…)،وبتاريخ دكالة، الجهة التي ينتمي إليها، ومن جهة أخرى بلذة قراءة النص الأصلي لمديانو في مصادره ومراجعه، انطلاقا من وثائق ومصادر تاريخية أخرى. وهو ما ولّد لدى الكاتب تعريبه لما يتضمنه المقال/النص ، من معطيات لظاهرة “العنف المشروع” الذي مارسته الدولة المغربية في عهد السعديين، ونظرا لما تضمنه من أجوبة حول سؤال العدالة في مغرب القرن16 .لكن فعل القراءة تولد عنه تفاعل الكاتب مع النص الأصلي وكتابة نص جديد. اهتم فيه أساسا سعيد عاهد بالجانب المهمش والهامشي في التاريخ، وبخاصة فئة المعاقبين، سواء من فئة الخاصة/العلماء وفئة العامة. في مغرب القرن السادس عشر على عهد السعديين ..”

اللقاء الذي أدار دفته الإعلامي والمفكر عبدالصمد الكباص ببراعة، كان مناسبة لإعادة قراءة المحتفى به الأستاذ عاهد بما يليق من بديع البيان وبلاغة منصفة للرجل. حاول الأستاذ الكباص بسطها أمام حضور متنوع ومائز. كما تم فتح نقاش تفاعلي مع الحضور المشارك، أهم ما ميزه تبادل الحوار بين الكاتب والضيوف.

وفي نهاية اللقاء وقع الباحث والشاعر سعيد عاهد كتابه “الجريمة والعقاب في مغرب القرن السادس عشر” متواصلا بخاصة مع شريحة طالبات وطلاب المركز الجامعي بقلعة السراغنة الذي وعد رئيس الائتلاف الوطني تنسيقية مراكش بمعاودة مد جسر التواصل والشراكة في الأسبوع الثقافي الثاني للجامعة في الشهور القليلة القادمة.

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

تعليقات